العدد (407) - اصدار (10-1992)
أحيانا، كان الأصلع بيكاسو، ينقل ريشته فوق اللوحة،
لم أعد أرى في الرجلين شيئا يميزهما، فقد صارا متشابهين تماما، حتى في الضجر الشديد الذي راح يرسم ملامحهما ونظرات العيون، لكن وجهي المتشبث بنصف ابتسامة أوحى لهما بأنني على مشارف محاولة جديدة. كنت أضغط بإصبعي على مجرى الأرقام حتى لا يخذلني الخط بذلك الصفير الحاد المتقطع فأدع السماعة لأحد الرجلين ككل مرة قائلة. "مشغول.. جرب أنت".
تعالى الله المتعال . . ! من أنشأ لك - يا بيرق أفواج المجذوبين
الحكايات الشعبية هي مخزن حكمة الشعوب، ووسيلة ترفيهها الدانية، وأداة تخصيب خيال الصغار وهدهدة نفوسهم. تنطوي دائما على مغزى عميق، لكنها تسقى محلاة بروح الخيال ومعطرة بنكهة تقاليد خاصة في القص ترتبط بمواطنها وأزمنتها. كل هذا معلوم ومطروق الأبواب. أما الجديد هنا فهو الصياغة. أي سكب الحكاية المنحوتة ألفاظها من خصوصية بيئتها في قالب لا يعصف بالفصحى الجامعة.
لكل تجربة سردية خصوصيتها ونمطها. وتجربة الغيطاني مثيرة وفائقة. فهي تشارف المنطقة المجازية التي يقع العمل الأدبي فيها خارج الواقع الحرفي المجازي. ويمكن اعتبارها من قبيل "الأمثولة" التي تضرب بجذورها في الثقافة العربية. من هنا فإن معايشة الغيطاني للمدونات السردية، واستقاءه من عالمها قد دفعه إلى إنشاء نصوصه بالتقاطع والتوازي معها، في أهم تجربة تناص روائية تشهدها اللغة العربية،
كنت في انتظار رسالة. لم يكتب لي أحد رسالة، لا قريب لي، هنا ولا في بلدي ولا حتى في العالم كله، أصبحت عجوزا.. إنسانا وحيدا: "كنت أفكر أحيانا، ليس من الضروري أن يكون للجميع في هذا العالم أقرباء ومعارف: هذا أمر طبيعي، فالبشر - الوحيدون - هم أيضا ضروري وجودهم، حتى يفهم الآخرون، كيف أن الوحدة شيء قاس، وليكون في مقدورهم التخلص منها".
منى . . كانت . . وأحلاما. زرعناها بأرض الحب
أوقد الشمعة فانداح بساط الضوء في العتمة