العدد (787) - اصدار (6-2024)
شكلت المحاولات التجريبية الكبرى في مسيرة الرواية العربية، تياراتها الفاعلة في مستويات السرد العديدة. وذلك من خلال الحركات المستمرة لمختلف التجارب الفردية. وإذا كان التجريب كامنًا في دينامية عملية الإبداع ذاتها، فقد اندرج الروائي العربي عمومًا ضمن ثلاث دوائر أساسية، تمايزت في شموليتها بقدر من التداخل في حالات كثيرة. يمكن إجمالها فيما يلي: أ- ابتكار عوالم تخييلية جديدة، لم تتداولها السرديات السابقة، مع بلورة جماليتها الخاصة، ب- توظيف تقنيات فنية حديثة لم يسبق استخدامها في هذا الجنس الأدبي، ج- اكتشاف مستويات لغوية في التعبير، تتجاوز نطاق المألوف في الإبداع السردي المتداول.
كتابة السير الذاتية والمذكرات، كما قال أحد المنظرين، هي شكل ديمقراطي ومتاح للناس البسطاء لكي يحنّطوا ذواتهم، كما فعل الفراعنة، وليسعوا نحو أبدية ما. غير أنه من المستبعد أن تكون هذه الفكرة قد ألحّت على الشاعر المغربي عبدالكريم الطبال، وهو يقترح علينا عمله السيري «فراشات هاربة» (منشورات اتحاد كتاب المغرب، الرباط، 2007) لأنه حظي باعتراف النقاد المتمرسين والقراء الهاوين في الآن نفسه، وهو قد أصبح جزءًا من الوجدان الجمعي لشريحة عريضة من المتتبعين الذين أصبحت أشعاره وصورته تخترق خيالهم ووعيهم.