العدد (788) - اصدار (7-2024)
شكَّلت القضية الفلسطينية قضية محورية في كل نقاش فلسفي متصل بالفلسفة السياسية والأخلاقية والاجتماعية المعاصرة، وذلك بحكم ارتباطها بالقيم الإنسانية الكبرى، وعلى رأسها قيَّم الحرية والعدل والإنصاف والمساواة والكرامة. وإذا كانت الكتابة الفلسفية الغربية المعاصرة متفاوتة في معالجتها لهذه القضية، سواء من جهة الحضور أو الغياب، أو من جهة الموقف المناصر أو المناهض لها، فإنَّ المؤكد أنَّها فرضت نفسها بقوة منذ (طوفان الأقصى) في 7/10/2023، بحيث يمكننا القول إنَّها تحوَّلت إلى المعيار أو المقياس الذي تقاس به مختلف القيم التي قامت عليها الحضارة الغربية كلها، وليس الفلسفة الغربية فقط.
كثُر الحديث منذ مطلع القرن العشرين وحتى الآن عما يسمى بما بعد الحداثة، وقد وجدنا أن معظم الكتّاب والمفكرين والنقّاد العرب يبادلون الكتاب الغربيين نفس الشغف ويتغنون بهذا العصر الجديد ويتبارون بالتمسك بأهدابه وترجمة أعماله. السؤال هنا: ما المقصود بما بعد الحداثة؟ ما الفرق بين الحداثة وما بعد الحداثة؟ هل نحن بالفعل أمام عصر فكري جديد؟ ما هي سمات هذا العصر؟ وهل نحن - وخاصة في عالمنا العربي والإسلامي - بحاجة إلى التهليل لهذا العصر التي بشرت به ودعت إليه الكتابات الغربية؟!