العدد (789) - اصدار (8-2024)
ما يشهده العالَم، في هذه اللحظة الفارقة من تاريخ الإنسان، يُعزى إلى ما وقع من اختلالات مسّت جوهر الإنسان وعمق القيم النبيلة، هذه الأخيرة تتعرّض لانهيار مُهول وخطير ستكون تداعياته وخيمة على كينونة الفرد داخل منظومة عولماتية مختلة، ستنعكس سلبًا على كل المناحي والمجالات. هذا المناخ الملوّث يُحتّم على البشرية أن تفتح النقاش والتداول في هذا المصير الملتبس للإنسان والحياة في هذا الملكوت للتفكير في الحلول الناجعة والقادرة على إنقاذ ما يمكن إنقاذه. الإنسان هذا الكائن من دم ولحم، من جسد وروح، الجامع في داخله النقيض، حيث تتجاذبه ثنائيات مفارقة ومتناقضة، تفرض النظر في هذا الموجود وإعادة طرح السؤال المتعلّق بحقيقته وجدواه في الوجود، خصوصًا أنه يجمع بين المفرد والمتعدّد، بين الحب والكراهية، بين الخير والشر، بين الجموح والكبح، بين الطاعة والعصيان، بين الحس والرغبة، بين الغريزي والمكبوت. هذه التجاذبات والتقاطعات المتباينة تعرّي الضعف والوهن الذي يعتور هذا الإنسان المتسلط والمتهور، الحامل لجينات حيوانية، تجعله أحيانًا بعيدًا كل البعد عن إنسانيته، مناقضًا جوهره باعتباره أسمى الكائنات التي منحها الخالق المكانة اللائقة، لكن ميولاته نحو الهدم وتحويل الجميل إلى قبيح من مظاهر ممارساته التي تتنافى مع جوهر كينونته. ولا غرابة في الأمر مادام هذا الإنسان المغرور بقدرته على التحكّم في مصائر الكون، والمخطط لخرابه بيده وفنائه، وجنونه الذي سيحمله إلى الهاوية والزوال إذا هو تمادى في حمقه وتهوره.
شكّل الحراك الطلابي بالجامعات الأمريكية والأوربية وفي العالم «الغربي»، حدثًا بارزًا في الساحة العالمية، بل حدثًا مفاجئًا لكل المتابعين ولصنّاع القرار وللرأي العام. ذلك أنه مع بدء طوفان الأقصى الذي جرى يوم السابع من أكتوبر 2023، والذي نفذته حركة حماس وذراعها العسكري «كتائب القسام» بمعية فصائل المقاومة الأخرى، فجر ردود فعل متابينة، بل منددة للهجوم من طرف الآلة الإعلامية الغربية المدعومة من طرف اللوبي الصهيوني المتغلغل في دواليب صنع القرار في هذه الدول.
ترتبط الثقافة بتاريخ وحضارة الأمم، فلكل حقبة ثقافتها وممارساتها الخاصة بها، فالثقافة نتاج اجتماعي وإنساني فهي مجموعة من العقائد والقيم والقواعد التي يقبلها أفراد المجتمع وتفهمها جماعة من النّاس؛ فهي وسيلة تعمل على الجمع بين الأفراد عن طريق مجموعة من العوامل السياسيّة، والاجتماعيّة، والفكريّة، والمعرفيّة، وغيرها من العوامل الأخرى.
وَجَدت الأخبار المزيفة والمعلومات المضللة بيئة مناسبة في أغلب وسائل التواصل الاجتماعي، ونجحت في توجيه قناعات ملايين البشر، وساهمت في تشكيل الرأي العام، وأثرت في السياسة والاقتصاد والمجتمع، وبلغت غايات بعيدة في ترويج المعلومات العلمية والطبية والفكرية الخاطئة، تماشيًا مع رغبات الجماهير المخدوعة، وتجرأت على التشهير بالأفراد والجماعات والشخصيات العمومية، وحرَّضت على العنف وتسببت في خراب النفوس والأجسام.