العدد (791) - اصدار (10-2024)
في العصر العبّاسي، تحديدًا في الحقبة بين القرنين الثامن والعاشر الميلاديين، لم يكتفِ العرب بالانفتاح على الحضارات المختلفة واقتباس العلوم منها، بل عملوا على تطويرها وأضافوا إليها ما توصّلوا إليه من اكتشافات وابتكارات. وظهرت مآثرهم في مجال الطبّ، ومن أشهر الأطباء جبريل ابن بختيشوع (توفي عام 828م)، ويوحنا إبن ماسويه (777-857م)، وحنين ابن إسحق (809-873م)، والرازي (865-925م)، وابن سينا (980-1037م). وعرف طب العيون تطورًا، إذ ساهم تقدم علم التشريح في دراسة العين وعلاج أمراضها. وفي ظل الدولة الفاطمية التي اتخذت القاهرة عاصمةً لها (969-1171م)، برز أبو علي الحسن ابن الهيثم (965-1040م) كبير علماء الطبيعيّات المسلمين ومقدم إسهامات كبيرة في مجال طب العيون وعلم البصريات. وكان أول من ذكر في كتابه «المناظر» أنّ العين ترسل شعاعًا بصريًّا إلى الشيء المرئي، وقارب في أبحاثه مسألة العدسات المكبّرة نظريًا. واشتهر أيضًا في مصر عمّار ابن علي الموصلي (توفيّ عام 1010م) الذي وصف في كتابه «المنتخب في علاج العين» عملية جراحية جديدة لمعالجة الماء الأزرق في العين.
ستون عاماً مرت على رحيل الفنان التشكيلي الرائد محمود سعيد (1897 - 1964) صاحب «بنات بحري» و«حفل افتتاح قناة السويس» و«وذات الرداء الأخضر» و«ذات الجدائل الذهبية»، و«ذات العيون العسلية»، و«ذات المنديل الأبيض»، و«الدراويش»، و«الصيد العجيب» و«الإسكندرية في الليل»، و«قبور باكوس»، و«قارئ القرآن» وغيرها من الأعمال الفنية التي خلَّدتها ريشته وألوانُه وخطوطه ورؤيته للفن والحياة.
لم تخرج مكونات الحضارة الحديثة وتطوراتها من رحم دور العبادة شأن معظم الحضارات القديمة، بل خرجت من رحم الثورات السياسية، والعلمية، والاقتصادية، ومن المصانع والمختبرات، ومجامع البحوث العلمية والجامعات، بحيث إن تطور العلوم بموضوعاتها وأدواتها خلال القرنين التاسع عشر والعشرين فاق تطوره خلال ألفي عام وأكثر من التاريخ الإنساني كما يقول الباحثون.
جبران خليل جبران (1931-1983م ) كاتب وشاعر ورسّام لبناني من روّاد عصر النهضة. سافر منذ صباه إلى أمريكا وتنقل بينها وبين فرنسا ولبنان، ولكنه ما لبث وأن استقر في أمريكا، حيث لمع نجمه فيها ونال تشجيعًا وتقديرًا لمواهبه وعطاءاته، فصار رئيسًا للرابطة القلمية في نيويورك، كما ذاع صيته على ألسنة الناس، بعد أن قرأوا له كتاب (النبي) صلى الله عليه وسلم الذي تُرجم إلى العديد من اللغات، والذي وصل إلى مستوى العالمية. كان جبران واسع الثقافة متمردًا على العادات والتقاليد المتوارثة، وكان لديه رؤية خاصة في مفهوم تطور الأمة ومفهوم العلاقة الثقافية بين الشرق والغرب.
تعاظمت شهرة المطرب السوداني عثمان حسين سريعًا عقب انطلاق صوته لأول مرة عبر أثير الإذاعة السودانية في العام 1947م، وبرز صوتًا غنائيًا مائزًا بين مطربي جيله الذين اصطلح على تسميتهم بجيل الرواد الثاني، بل تميز على من سبقوه بتطوير فن التلحين وموسيقى الغناء، حين نحا منحى جديدًا غير سمات الأغنية التقليدية، ونقل الغناء السوداني إلى مرحلة الرومانسية الحديثة، وكانت أغانيه شاهدًا من الشواهد التي يمكن أن تقاس بها مسيرة المجتمع السوداني وثقافته وذوقه وتطوره، وبقي على مر الزمان من أبرز وأهم صناع النهضة الغنائية في السودان.