العدد (403) - اصدار (6-1992)
عندما كتب "نجيب محفوظ" ملحمة "أولاد حارتنا" ونشرها في "الأهرام" عام 1959 ثم صدرت في كتاب - دون إذن المؤلف - عن دار الآداب في بيروت. أثارت - ولم تزل - عاصفة من النقد ما بين مؤيد ومعارض، وكتب عنها ما يفوق حجم الرواية التي بلغت أكثر من خمسمائة صفحة من القطع الكبير.ولكن عندما كتف "نجيب محفوظ" رؤيته وصاغ الفكرة نفسها في قصة قصيرة من خمس وثلاثين صفحة، وأطلق عليها اسما مراوغا هو "التنظيم السري" لم يهاجمها أحد، ولم يلتفت النقاد إلى مغزاها الكامن، فقد فسروها من منظور سياسي بحت.
كيف ينظر الفكر العربي للقضايا المطروحة عليه؟ هل يقسمها إلى قضايا محلية تافهة عليه أن يغفلها، وأخرى عالمية تستحق عناء المناقشة؟ أم أن المهم هو أن يكتشف الفكر العربي طريقه الخاص للنظر إلى كل القضايا بمعيار واحد؟حتى وقت قريب لم يكن أحد يجرؤ على الانتقاص من مفهوم راسخ للعالمية مفاده أن هناك قضايا محددة وتجارب معينة يمكن أن توصف ب "العالمية"، وفي مقابل ذلك هنالك قضايا محددة وتجارب معينة يمكن أن توصف ب "المحلية". ومما كان يأخذه د. لويس عوض على الأدب العربي بإلحاح بشكل متواصل أنه قضى الشطر الأعظم من حياته المعاصرة في تداول قضايا لم تعد تهم أحدًا في العالم، قضايا تجاوزها الغرب منذ زمن طويل