العدد (403) - اصدار (6-1992)
لو كانت أمنا حواء امتلكت زوجين من الحمام، زغللت بهما أحاسيس ابنها قابيل، لفكر كثيرًا قبل أن يودي بحياة أخيه هابيل، فمنذ هذه الأحقاب وأمهاتنا تغذين رغبات طفولتنا بزوجين من الحمام - حتى ننام، ولا تتحقق هذه الأغنية الليلية، في حدود مضمونها الأخاذ الذي لا ندركه جيدًا في أيامنا المبكرة إلا ليلة الهنا، حيث تتألق المسافة بين العريس والعروس بزوجين من زغاليل الحمام، فالحمام البيتي لا يؤكل أبدًا، بل تؤكل أفراخه عند استشرافها الطيران، فماذا ما طارت تليف لحمها وضمر وفقد لذته
بعد خمسة قرون وسبعة عشر عاما ظهر مايكل أنجلو، فارتبك العالم.. كان فيروس الحاسوب "مايكل أنجلو"، الذي طوره أحد هواة الكمبيوتر في شمال أوربا، ينذر بكارثة في حجم "طاعون إلكتروني" يدمر 80 مليون كمبيوتر مبثوثة في أربعة أرجاء الأرض، لهذا اهتزت أربعة أرجاء الأرض، وكان مايكل أنجلو فيروسا خبيثا، من النوع الذي لا يسفر عن وجوده إلا بعد فترة من الكمون، فلا يبدأ التدمير إلا بعد أن تصل ساعة الكمبيوتر المصاب إلى موعد بعينه، وقد كان الموعد: يوم الجمعة، 6 مارس، 1992.
كان الأديب الكبير محمود تيمور في طليعة المهتمين بموضوع ألفاظ الحضارة - أي ألفاظ الحياة العامة - وموقف اللغة الفصحى منها، بعد أن لاحظ أن الكثرة الغالبة من هذه الألفاظ مابرحت أجنبية أو عامية، وأن الكاتب إذا أراد وصف ما يرى من ظواهر الحياة الحديثة وأدواتها لم يستطع أن يقع على تسميات عربية دقيقة، فإن راق له الاسم العربي الدقيق منعه من استعماله أنه نافر مهجور.ولقد كان اهتمام محمود تيمور بهذا الأمر نابغا من خبرته الواسعة في الكتابة القصصية.
هذه هي سنة الحياة: أن ينتج الإنسان ويستهلك، ومنذ بدء الخليقة والسباق مستمر.. يحاول الناس أن ينتجوا أكثر ليستهلكوا أكثر.. فالاستهلاك في النهاية، ماديًا أو معنويًا، هو الفيصل فيما نسميه: مستوى المعيشة.وأيا كانت النظم الاجتماعية أو السياسية فالغاية: حياة أفضل .. النظريات تخدم معيشة الفرد والمجتمع، وليس العكس.. وإن بدت النظريات والمقولات السياسية أكثر صخبًا، وأكثر بعدًا عن التفاصيل اليومية: خبز - باذنجان - مستشفى - كتاب ومدرسة.
عزيزي القارئ ..رحلة واسعة بين أرجاء شتى، قطعتها "العربي" حتى تصل إليك هذا الشهر، وتضع بين يديك محتوى يصح أن يوصف بأنه حوار متعدد الأطراف، لا يقنع برؤية أحادية الجانب، ولا بالثبات عند ركن من أركان الزمان أو المكان. فإلى الشمال، يصعد بنا رئيس التحرير في حديث الشهر "الحرب العالمية الثالثة - أين تبدأ؟ "، لنعاين مفارقة تدعو إلى الدهشة، ونرصد جدلية مخيفة، عن مصير علماء الذرة السوفييت، ومآل ماكينة العلوم النووية السوفييتية
رئيس التحرير ..مقالكم في العدد 401 تحت عنوان (هل أنت مريض؟) مقال رائع .. أتفق معكم على أهمية هذا الكتاب. العالم العربي تنقصه مثل هذه الكتب الجادة والمتخصصة. ولكن أفضل أن يعتمد القارئ على تلك المعلومات الطبية ويتخذ من نفسه مشخصاً لما يعتريه من أمراض. بل يمكنه الاعتماد على نفسه في معرفة الأدوية المناسبة لمرضه. فأهلاً بالثقافة الطبية الشاملة المتنوعة. وكم نتمنى لو يترجم هذا الكتاب إلى لغة الضاد مشفوعًا بمقدمة لأستاذ جليا في علم الطب من علماء وطننا العربي.