العدد (649) - اصدار (12-2012)
تنشر «العربي» في هذا العدد ملفًا عن الشاعر اللبناني سعيد عقل، أحد الشعراء العرب الكبار في القرن العشرين بمناسبة بلوغه المائة من العمر. سعيد عقل يعرفه القارئ العربي، خارج لبنان، أكثر ما يعرفه، من خلال عشرين قصيدة تغنّيها له المطربة فيروز، من أشهرها «سائليني يا شآم» و«غنّيتُ مكة» و«نسمَتْ من صوب سورية الجنوب».. و«مشوار جينا عالدني مشوار» و«بحبّك ما بعرف». وهو شاعر كبير بدأ يكتب الشعر في الثلاثينيات من القرن الماضي عندما أصدر مسرحيتين شعريتين، هما «بنت يفتاح» و«المجدلية» تلتهما مسرحية شعرية ثالثة في بداية الأربعينيات هي «قدموس»
لقد انتمينا في دار المعلمين الابتدائية، في بيروت، ما بين 1958و1961 من القرن الماضي، إلى زمن خاص استثنائي خارج عن السياق العام للزمن التربوي والثقافي في تلك الفترة. فقد اجتمع لتعليمنا كوكبة من الأساتذة الأعلام نادرًا ما يجتمع مثلهم على مثل ما اجتمعوا عليه، في شتى حقول المعرفة والتربية. يكفي أن نذكر بينهم على سبيل المثال، صلاح ستيتيّة الذي غدا من أبرز شعراء الفرنكوفونية في فرنسا في ما بعد، وواصف بارودي الذي أعطانا فصولاً في التربية، غالبًا ما كان يلقيها علينا خارج الصفّ، في الرواق
يتميز الشعر بغياب العلاقات المنطقية (السببية) والزمنية، وينتظم في علاقات مكانية من تطابق وتدرّج وتناقض وتواز. عن الوظيفة الشعرية، قال رومان جاكوبسون، الذي قام ببحث منهجي حول النظام المكاني في الأدب: «تكمن ماهية التقنية الفنية في الشعر، على كل مستويات اللغة، في إعادات متكررة». وتدل «مستويات اللغة» و«الإعادات المتكرّرة» بالتحديد على وجود علاقات مكانية تشير بدورها إلى ملامح عمارة شعرية تحمل في ثناياها معاني ودلالات رمزية
وُلد سعيد عقل في الرابع من يوليو 1912، وقد أتم سنّ المائة في الرابع من يوليو 2012، ومازال ظاهرة شعرية لها خاصية سعقلية بين الرومنطيقية والرمزية والحداثة، مسيرة قرن سجّل الشاعر فيها بصمات خاصة على صفحات الشعر العربي، ومازال يتمخّض شعرًا وينزف تجربة ورؤيا، وينضَح لبْننة، لذا تراه يطرق أرضًا خصبة من الصور والأمزجة، خلاصة قرن من قصة مائة عام من التجربة، بغضّ النظر عن دعواته وأفكاره، أتتوافق مع أفكار الكثيرين أم لا؟ لكنّه يشكّل حالة شعرية، فيجب أن يُنصف