العدد (654) - اصدار (5-2013)

التنوير في مقالات زكي نجيب محمود فائق مصطفى

الدكتور زكي نجيب محمود (1905- 1993) شخصيّة فكريّة وأدبيّة بارزة بين الشخصيّات التي أنجبَتْها مصر في القرن العشرين، إذ قام بدور فاعل وخطير في كِلتا الحياتينِ الفكريّة والأدبيّة بمصر والعالم العربيّ، ففيما يخصُّ الفكر والفلسفة عُنِيَ زكي نجيب محمود بتيار فلسفيّ يُسمّى «الوضعيّة المنطقيّة»، تصدّى للفلسفة الميتافزيقيّة، ودعا إلى العناية بتحليل اللغة وألفاظها. لكنّه، فيما يخصّ الأدب عُني بالمقالة الأدبيّة تنظيرًا وتطبيقًا حتى لُقِّب بالفيلسوف الأديب، والمنُظِّر الرئيسي لفنّ المقالة الأدبية في النقد العربيّ الحديث.

المجتمع وسلطة المفهوم عبدالله الحميدي

إذا كان الفرد يولد خاليا من أية معتقدات ومفاهيم معينة. إلا أنه بحكم وجوده الاجتماعي محكوم عليه بالتالي أن يتخذ من المنظومة الثقافية والقيمية التي يتبناها مجتمعه، معيارا للنظر إلى الأشياء والحكم عليها. إذ إن تلك المنظومات الثقافية والمعرفية لمجتمع ما، يعتبر قبولها من قبل الفرد، والخضوع لها، شرطا أساسيا لانتمائه الاجتماعي. إن زخم الأسئلة التي يبديها الطفل لا بد من أن تجد حدا لها في مرحلة ما. إذ إن هذه البذرة الفلسفية سرعان ما يتم استئصالها. لمصلحة تحقيق وجوده الاجتماعي كفرد. وستصبح المفاهيم أو التصورات التي يفكر من خلالها المجتمع سقفا أعلى أو معيارا أساسيا للحكم على الأشياء. فمفاهيم الحرية، الإنسان، الحب، الرجل، المرأة، الجنس وغيره، يقوم المجتمع وفقا لسياقات تاريخية واجتماعية ودينية معينة بالعمل على «أقنمتها» إن صح القول، والنظر إليها ككليات ثابتة. متعالية عن أي واقع موضوعي. فالإنسان كمفهوم كلي. سابق على أفراده. حسب هذا المنظور الفلسفي، بمعنى أن المفهوم أو الكلي ينظر بالأساس إلى الصفات الأساسية أو المشتركة بين أفراد معينين

لحظة استشراف.. أو الوقوف على أطلال العصر ماجد السامرائي

ساعة وقف أحد المؤرخين المعاصرين (واسمه م. ستورمر) على مشارف الألفية الثالثة (التي نحن فيها اليوم)، وجد نفسه يكتب، ويقول: «نحن في بداية عصر جديد يتميّز بقدر كبير من انعدام الأمن، وبالأزمات الدائمة، وغياب أي شكل من أشكال الوضع الراهن».. مضيفًا: «ينبغي أن ندرك تمام الإدراك أننا نواجه الآن واحدة من أزمات التاريخ العالمي»، ومقررًا، في ضوء ما رأى، أن «ليس ثمة قوى منتصرة وأخرى مهزومة اليوم». ليس هذا رأي فرد متشائم، وإنما هناك من بين المؤرخين المعاصرين من يشاطره الرؤية والرأي (مثل «إريك هوبزباوم» مؤلف كتاب «عصر التطرفات» وكتب أخرى تتناول فيها تاريخ العصر الحديث)، إذ يجد أن القرن العشرين قد انتهى «إلى مشكلات لا يملك أحد حلولًا لها، أو يزعم أنه قادر على ذلك». والسؤال هنا هو: أين نحن، العرب، من هذا الواقع؟ وأين نحن في هذا الواقع؟