العدد (654) - اصدار (5-2013)

العرب والأتراك.. مقاربة تاريخية عبدالرحيم أبوحسين

دأب الكتّاب والسياسيون والمؤرخون العرب، على وجه العموم وإلى وقت قريب، على النظر إلى فترة الحكم العثماني التي امتدت لأربعة قرون لـ«الوطن العربي»، 1516-1918، على أنها «عصر الانحطاط». ولم يشعر هؤلاء، في غالب الأحيان، وهم يصمون أربعة قرون «بحلوها ومرّها» بالحاجة إلى تقديم الأدلة والبراهين على هذا القول، الذي نادرًا ما خلا منه نص تاريخي. كما أن هذا الوصف يتعامل مع الحكم العثماني في مختلف الأرجاء العربية في مختلف مراحلها بصورة نمطية واحدة بما ينطوي عليه هذا التعميم من أخطاء منهجية فادحة. والسبب في ذلك أن الحركة القومية العربية أو ما تفرّع عنها ونشأ على ضفافها دأبت على تصوير الحكم العثماني على أنه استعمار تركي، وقد شاعت تعابير من قبيل «النير التركي» أو «النير العثماني» وذلك لتصوير أي حركة للتمرد أو العصيان، مهما كانت دوافعها، على أنها نضال تحرري في سبيل «الاستقلال العربي» أو «الاستقلال اللبناني»..إلخ

فلسفة شاعر كويتي رائد.. صقر الشبيب فاضل خلف

لا تظنوا أن هذه الأبيات أعلاه من شعر أبي العلاء المعري، وإن حملت إلينا روح المعري وفلسفته، بل هي في الحقيقة جزء من قصيدة طويلة نظمها الشاعر الكويتي صقر سالم الشبيب، وإن لمستم في هذه الأبيات روح المعري ترفرف بين سطورها، فهو أن شاعر الكويت تربطه بشاعر المعرة الحكيم عدة أواصر. فقد كان المعري محرومًا من نعمة البصر، وصقر - كذلك - محروم من نعمة البصر، وكان المعري متشائمًا من الحياة، متذمرًا من تكاليفها، وصقر متشائم - أيضًا - من الحياة وتكاليفها. وكان المعري يدعو بشدة لإيقاف النسل لما قد يصيب هذا النسل من متاعب وآلام في هذه الحياة. ولكنّ صقرًا أخف منه لهجة في محاربته، وذلك لأن صقرًا تزوج ولم ينجب. أما المعري فقد أضرب عن الزواج وحارب النسل. ولكن شاعر الكويت يلتقي مع حكيم المعرة وشاعرها في تخويف الناس من النسل. فصقر يرى أن الحياة كلها شقاء لبني الأرض وبالرغم من علمهم بالشقاء واكتوائهم بعذابه فهم يطلبون المزيد من البنين.

أكاذيبي هدى حمد الجهوري

لا أدري بالفعل كيف بدأت الحكاية معي.. كيف امتدت جذورها وأينعت في روحي? ولستُ متيقنة أيضاً.. كيف غسلتني الكتابة بفتنتها ومضت بي? لا أدري هل ألجُ معكم في كذبتي الكبرى، أم أفتحُ مسارب الكلام الطويل بيننا? كنت أسمع الكثير من الأصوات الغريبة، ألتفتُ، أركضُ صوب أمي أخبرها عن تلك الأصوات التي تأكل أماني، فتُهدئ من روعي.. كنتُ أشعر أني سليلة تلك العوالم الخفية التي تأخذني إلى الأماكن المزركشة بالخوف واللذة والضحك والبكاء.. كبرتُ فكبرت العوالم الخفية في روحي وأزهرت فلا وياسمين وأوقاتا مدهشة. عندما أشاهد أفلام الكرتون في التلفاز أشعر أنّ الشخوص تفرُ من الشاشة الصغيرة، لأجدها تحيط بي من كل صوب، ورغم معرفتي أنها تفر من رأسي أنا, فإني أشعر بالخوف من أن يكتشف أحدٌ ما قدرتي على ذلك

في الذكرى الحادية والثلاثين لرحيله: خليل حاوي.. قامة شعرية وفكرية شامخة ريتا عوض

إذا كان «نيسان أقسى الشهور»، في رؤية تي إس إليوت (T. S. Eliot) الشعرية، كما يعبّر عنها في مطلع قصيدته الشهيرة «الأرض اليباب»، (The Waste Land) لأنه «يولّد الليلك من الأرض الموات»، و«يحرّك الجذور الخاملة بغيث الربيع»، فإن يونيو هو الشهر الأقسى في تجربة خليل حاوي الشعرية؛ وكلا الشاعرين الكبيرين استلهما أسطورة الموت والانبعاث في البنية الشعرية في ما أبدعا من قصائد. غير أن قسوة دبيب الحياة الربيعية في عروق الأرض التي ماتت في شتاء أرض إليوت اليباب، تقابلها قسوة الموت في صيف الواقع العربي المؤلم، موت مزّق رؤيا الانبعاث التي ميّزت المرحلة الأولى من تجربة خليل حاوي الشعرية، مرحلة امتدت طوال خمسينيات القرن العشرين وحتى مطلع الستينيات، حين أبدع مطولته الرائعة «لعازر عام 1962». هذه القصيدة التي كتبها حاوي على إثر انفصال الوحدة بين مصر وسورية في العام 1961، جسّدت في صورها الشعرية وفي رموزها بداية دبيب الموت في العروق الحيّة، وانهيار حلم الوحدة العربية الكبرى