العدد (793) - اصدار (12-2024)
تلعب المشاعر دورًا غير مرئي لكنه بالغ التأثير على قراراتنا وأفعالنا في مشاهد حياتنا اليومية، وقد نجد أنفسنا أحيانًا نتصرف بطرق لا تعكس تمامًا ما كنا نفكر فيه، لنكتشف لاحقًا أن انفعالاتنا هي التي قادت خطواتنا تلك، سواء كنا في حالة من الحماس، الغضب، أو حتى الخوف.
يعد تقدير الذات هدفًا تربويًا تحرص التربية الحديثة على تحقيقه في النشء، وتقدير الذات هو الحكم الإيجابي الذي تصدره الذات على نفسها، وهو دعامة أساسية للشخصية على مستوى رصيدها المعرفي وكيانها الوجداني ونشاطها السلوكي، بل أكثر من ذلك، فنوع التقدير إيجابيًا أو سلبيًا للذات يؤثر على حاضرها ومستقبلها، واختياراتها وقراراتها، ونجاحها أو فشلها. فحين يكون التقدير إيجابيًا، يتيح للفرد إمكانية القيام بردود أفعال مناسبة والشعور بالتوافق والسعادة، وهذا ما يمنح الذات القدرة على مواجهة صعوبات الحياة والأزمات، والأحداث غير المتوقعة، عاملاً فاعلاً ومحفزًا على تحسين أدائه، ونجاحه المدرسي، وعلاقاته بالآخرين وتوافقه النفسي ودرجة طموحه. أما إذا كان سلبيًا فسيؤدي ذلك إلى الإحساس بالدونية وفقدان الثقة بالنفس والشعور بالمعاناة، ما يعيق تواصلها مع الأشخاص وتكيفها مع الوقائع والأحداث، ويؤثر سلبًا على صحتها النفسية. فإن أي خلل أو سوء في تقدير الذات وكفاءاتها من شأنه التأثير سلبًا على أداء الطفل في المدرسة أو غيرها، وعلى صحته النفسية.
أكدت دراسة أجراها فريق بحثي من المتخصصين في الرياضيات التطبيقية بجامعة يوتاه الأمريكية، أن القرارات السريعة كثيرًا ما تكون غير سليمة، ومبنية على استنتاجات خاطئة، بسبب غياب المعلومات أو تدني جودتها، وتأثير التحيزات الشخصية؛ بينما تكون القرارات المتأنية أكثر دقة، نتيجة للجهود والأوقات المبذولة في سبيل البحث عن أكبر قدر من التفاصيل الشارحة للوضع من جميع الجوانب. وللوصول إلى استراتيجيات صنع قرار فعالة ومستنيرة، يسعى الباحثون في مجال سيكولوجية اتخاذ القرار إلى فهم السلوك البشري، واستكشاف العمليات الإدراكية والتحيزات والتأثيرات العاطفية والعوامل الاجتماعية التي تشكل خياراتنا، بل ووضع مقاييس لتحيزاتنا.
الأرقام من أعظم مُنغصات الحياة، وأكثرها إثارة للقلق والهم والغم، وتسببًا للمشكلات بين الناس، وربما تُقوّضُ العلاقات الإنسانية، بما فيها الأخوة والرحم والقرابة والجيرة والصداقة والزمالة وغيرها؛ فنحن نعيش ضمن دوامة عملاقة من الأرقام والأعداد مثل: الوزن والطول والعمر، والدخل، وثمن المنزل، وعدد الأسهم، والرصيد البنكي، وعدد أصدقاء مواقع التواصل والمتابعين والمشاهدين والردود والإعجابات،