العدد (734) - اصدار (1-2020)
تزخر المكتبة الغربية بعديد من الدراسات والكتب والأعمال الفنية الاستشراقية الخاصة بدراسة الشرق الأوسط وشعوبه وعاداتهم وتقاليدهم. وقد بدأت هذه الدراسات بعد سقوط القسطنطينية في أيدي الأتراك العثمانيين عام 1453م، وجنوح الأوربيين لما يسمى بـ «الإكزوتية»، أي الاهتمام بزيارة البلاد الغريبة عليهم، والتعلّق بكل ما هو جميل وخيالي ورومانسي من هذه البلاد، خاصة تركيا والشام ومصر وشمال إفريقيا. ومع مطلع القرن الثامن عشر، احتلت الطرز التركية مكانة زخرفية بارزة في العديد من اللوحات الفنية، وتخصص فنانو البندقية وفرنسا وإيطاليا في رسم مشاهد الحياة والمناظر الطبيعية في القسطنطينية (الأستانة، أو إسطنبول فيما بعد).
تعيش بلادنا العربية فوق مسطح واسع للغاية من الصحراء، مما جعل الغالبية منا يعيشون حيث الجفاف، وتقل علاقة الناس بالمياه المنسابة، وذلك ما عدا بعض المناطق التي عاش فيها الإنسان منذ القدم فأقام الحضارات والمدن، وفي هذه الدول برزت الفنون لتصور العالم الإنساني للحياة في كل من مصر والسودان، ثم العراق بلاد الرافدين، مع الأخذ في الاعتبار أن أغلب بلادنا تطل على البحار والمحيطات. وفي السينما العربية عبّرت قصص الأفلام عن علاقة الإنسان بالنهر، خاصة في مصر التي انتعشت فيها صناعة السينما، والغريب أن وطنًا مثل السودان لم يأبه قط بهذا الفن، لكن السينمائيين المصريين أحبّوا النهر، وجريان المياه، فقاموا بتصوير حياتهم على ضفتي النهر في كثير من الأفلام، وهذا ما سنتوقف عنده.
بدأت الأعمال الدرامية منذ زمن سحيق، وكان الإغريق من أوائل الذين أبدعوا في إنتاج المسرحيات التراجيدية والرومانسية، وفعل الرومان مثلهم. وفي الزمن المعاصر، قدّمت المسارح في نيويورك ولندن وباريس، وغيرها من مدن رئيسية أعمالًا مسرحية متميزة تنوعت في سماتها، وإن كانت الدراما غالبة فيها. وانتقلت الدراما على مرّ الزمن من المسرح إلى السينما، ثم الأعمال التلفزيونية. شهدت الجماهير في مختلف دول العالم إنتاجات فيلمية أو مسلسلات تلفزيونية، وأصبح البعض منها من الأعمال الخالدة، حيث يتذكر الناس أعمالًا سينمائية أو تلفزيونية متميزة ربما أنتجت في ثلاثينيات القرن الماضي أو أربعينياته، ناهيك بالستينيات وما تلاها، من هذه الأعمال «سيتزن كين» أو «ذهب مع الريح» أو «العرّاب» أو «الدكتور زيفاغو» وغيرها.