العدد (736) - اصدار (3-2020)

الشّاعر الناقد جابر عصفور

قضيتُ فترة من حياتي مؤمنًا بأن التفوق لا يمكن إلا أن يقع على منطقةٍ واحدة، ولذلك لم أكُن أتخيّل أن الشاعر يمكن أن يبرز في فنٍ آخر سوى الشعر، لكنّ معرفتي بما أنجز كولردج في الأدب الإنجليزي، وما أنجزه صلاح عبدالصبور في الأدب العربي جعلتني أعيد التفكير في الأمر، فالشاعر الكبير يمكن أن يكون ناقدًا كبيرًا، وهذا هو شأن ت. إس. إليوت، الذي ترك لنا تراثًا نقديًّا بالغ الأهمية في نقد الشعر، كما ترك لنا قصائد أسهمت في تغيير مجرى الشعر الأوربي، بل مجرى الشعر في العالم الإنساني كله، وهذه الصفة تنطبق إلى حدّ ما على صلاح عبدالصبور.

النَّاقَةُ أَيْقُونَةُ الشِّعْرِ الْعَرَبِيِّ القَدِيم د. محمد محمد عيسى

كشف لنا ديوان الشعر العربي عن اهتمام العرب بنياقهم قديمًا، فلم تكن الناقة تمثّل لهم وسيلةً انتقال وحسب، وإنما كانت الأنيسة والصديقة، ولم يكن لسيناريو الرحلة أن يتم إلا بصحبتها، بل كانت عنصرًا أساسيًّا فيها. وكان للشعراء اهتمامهم الزائد بها، وقد وصل هذا الاهتمام إلى حد مخاطبتها، والتغزل بها، وتسميتها، فضلًا عن استدعائها بوصفها معادلًا موضوعيًّا للمرأة.

حكاية نجيب محفوظ مع سيدة فنون الآداب.. و«الحياة في مقام الحيرة» د. أمل الجمل

«سيدة فنون الآداب دون منازع لثلاثة قرون كاملة»، هكذا وصف نجيب محفوظ ذات يوم القصة القصيرة بأحد مقالاته. مثلما انتقد محفوظ مقياس المفكر عباس العقاد في ترتيب الآداب الذي كان قد اعتبر الشعر أرقى من القصة، حيث وصف الشعر بـ«الشجرة النامية ذات الزهر والثمر، بينما القصة مثل البذرة الضئيلة».

سمات العروبة والوطنية في قصائد خليل عكاش حسن جعفر نورالدين

تكاد تكون العروبة «كمفهوم وسلوك وشعور داخلي» إحساسًا بالتآخي والتواصل والمشاركة في السراء والضراء بين أبناء الأمة الواحدة، وتتجلى هذه القيم بما يظهره أبناء العروبة لبعضهم، من المودة والإحـــســـاس بالـــتمــــاهي، ووحـــــدة الموقف، خاصة في الأزمات التي تعيشها الأمة العربية مجتمعة، وقد تجلت هذه الأحاسيس مجتمعة في ما مر على البلاد العربية من محن وشدائد، وفي طليعة هذه القضايا قضية فلسطين والصراع العربي ــ الصهيوني، الذي لا يكاد يترنح من آن لآخر، نتيجة تساهل بعض الدول العربية في هذا الأمر، علاوة على مواقف العرب في ما بينهم، وما يتصدون ويتعرضون له، مما يستدعي موقفًا عربيًا موحدًا، ينم عن أهمية التواصل لتذويب الخلافات والتركيز على المصالح المشتركة بين الدول العربية، ضمن الحفاظ على خصوصية كل دولة في قضايا خاصة، شرط ألا تضر بمصلحة الأمة، وتعتبر مؤتمرات القمة التي تعقد من آن لآخر، بعد دعوات لها، من أهم الفرص لتحقيق هذا التواصل والتلاحم الأخوي، الذي يحفظ مصالح الأمة لكي تبقى يقظة مخلصة أمينة على قضاياها الحياتية الخاصة.

المالطية اللهجة العربية الأوربية سعيد عبيد

منذ أواسط القرن الثامن عشر الميلادي، شرعَ بعض اللغويين المالطيِّين في البحث عن جذور لغتهم، المتميزة بانتمائها إلى أُسرة اللغات السامية الحامية، على خلاف كل باقي اللغات الأوربية، الهندوأوروبية الأسرة، وعلى رأسهم الأب آجيوس دي سولدانيس وميكائيل فازالي، اللذان تابع ثانيهما الأولَ في ردِّ اللغة المالطية إلى جذور اللغة القرطاجية البونيقية المنقرضة. غير أن خبير اللغات السامية فِلهلم جيزينيوس لم يرَ أدنى شك في أن المالطية ترجع إلى أصول لغوية عربية محضة، وهو أمر لايزالُ باديًا للعيان في المالطية الحديثة بشكل لا يقبل افتراضَ غيره. وقد سار خلف هذا الاتجاه التأثيلي لغويون كثر من أمثال جيوفاني ليوني، وصمويل كيتشيل، وميكائيل فان بريتين، وألتاناسيوس كيرتشر، ثم شيخ اللغويين العرب أحمد فارس الشدياق. ومن الموافقات أن كيرتشر والشدياق كليهما أقاما بجزيرة مالطا ردحًا من الزمن، مما أتاح لهما أن يخبرا لغتها أعمقَ خبرة.