العدد (742) - اصدار (9-2020)

شعريّة نجيب محفوظ الرواية العربية والتراث السردي نور الدين محقق

شكّل نجيب محفوظ محطة مهمة في مسار الرواية العربية، حتى اعتبر رائدها الأصلي ومهندس مساراتها المختلفة. ونظرًا لقدرته الفنية هذه، وللتحولات العديدة التي عرفت طريقها إلى نتاجاته، بدءًا من تفاعلاتها مع التاريخ الفرعوني بشكل استعادي في رواياته الأولى «عبث الأقدار»(1939م) و«رادوبيس» (1943م) و«كفاح طيبة» (1944م)، ومرورًا بمحاولة عكسها للسيرورة الاجتماعية التي شهدتها مصر ومن خلالها العالم العربي، في رواياته الواقعية التي تتصدرها ثلاثيته الذائعة الصيت «بين القصرين» (1956م) و«قصر الشوق» (1957م) و«السكّرية» (1957م)، ووصولًا إلى تعالقاتها مع نصوص سردية تراثية معروفة، من أهمها نصّا كل من «ألف ليلة وليلة» و«رحلة ابن بطوطة»، فإنه قد ظل حاضرًا بشكل قوي في مختلف المنعرجات الحاسمة التي شهدتها هذه الرواية، سواء على مستوى تغيير التيمات السائدة فيها، أو على مستوى تغيير، وهذا هو الأهم، بنية الأشكال المعبّرة عنها.

المعمار الجمالي في أدب محفوظ هاني حجاج

يرتسم طريق نجيب محفوظ الروائي كتاريخ موازٍ للأزمنة الحديثة للإنسان، لو التفتُّ لتغطي تغيّراته التكتيكية لوجدتها بمعزل عن الجدل الأدبي الدائر عمومًا، حتى عندما أدخل تيار الوعي في سرده، ألتزم بشكل القص عند تولستوي وهوميروس: «الرواية تملك معنى واضحًا كلّ الوضوح؛ الناس يذهبون للحرب دون وعي بأنهم يتقاتلون من أجل عيون هيلين أو حدود روسيا، بل والمؤسف له أنهم لا يبالون»!