العدد (737) - اصدار (4-2020)

«1917»... مسافة من أجل الحياة عبد الهادي شعلان

ستدخل الحرب وستسير على قدميك في الميدان دون طعام، انطلق في ممرّات الخنادق وتعرَّض لطلقات البنادق، سترى صديقك يموت بين يديك من جَرَّاء طعنة غادرة من جندي العدو، ستتعرَّض للقتل حدّ استهدافك بطلقات نارية تُدَوِّي حولك من كل مكان وأنت تجري، ولن تعرف متى ستصيبك الطلقة، ستمرّ الطلقة قريبًا من رأسك ثم تنجو، ستعيش هذا حين تشاهد فيلم 1917، الذي صدر بلندن في ديسمبر الماضي، وأخرجه سام ميندز، وشارك في كتابته مع كريستي ويلسون كيرنز. حصل الفيلم على جائزة الـ «غولدن غلوب» لأفضل فيلم دراما عن مدة عرض 119 دقيقة، وتم تصويره بالكامل على أنه لقطة واحدة.

فيلم parasite تطفُّل غير مشروع محمد فاتي

يعتبر الفيلم الكوري parasite (طفيلي) أحد أبرز الأعمال السينمائية العالمية لهذا العام. وكيف لا وهو الذي هيمن على عدد من الجوائز العالمية الكبرى، ونال شهرة واسعة بين الجماهير، وحاز تقييمات إيجابية من النقاد، ومداخيل مليونية في شباك التذاكر؟ الفيلم ينتمي لنمط الكوميديا السوداء، التي استهدف منها المخرج الكوري بونج جون هو إماطة الرداء عن الوجه المحجوب من كوريا الجنوبية، بلد التقانة والاقتصاد والتطوّر التكنولوجي. تقمّص المخرج دور الناقد الفاضح لكلّ أوجه التناقض، والكاشف لجميع أنواع التعارُض، بين مجتمع كوري يعيش أحدث أنواع الرفاهية والثراء في سقف الطبقات الاجتماعية بالبلد، ومجتمع منفيّ ومغيّب يعيش ويلات الفاقة والحاجة في أسفل الدّرك الطبقي. وقد جسّد المخرج هذا التمايز والاختلاف في قالَب فكاهي ساخر، يفيض بمجموعة من الرسائل الفنية والمقاصد الفكرية والأبعاد الإنسانية.

صورة المسجد في الفيلم العربي محمود قاسم

إنها مشاهد لا تنسى في المدن والقرى العربية كافة على مدار أجيال متلاحقة، حين كان أطفال كل منطقة يلتقون يوميًا في شهر رمضان، في فترة ما بعد صلاة العصر حتى يحين انطلاق مدفع الإفطار بحلول المغرب، حول الساحة الخارجية للمسجد الرئيس في الحي، فقد اعتاد المشاهدون دومًا أن تكون قصص الأفلام مرتبطة بقوة بلحظات الخلاص الإنسانية من التوبة النصوح التي يمرّ بها الإنسان علامة على التطور البشري. هي الحالة الإنسانية التي اعتمدت عليها قصص الضالين، ولذا فإنّ للمسجد مكانة خاصة، وفي السينما كم صفّق المشاهدون وهم يرون ردّ فعل الأذان على التحوّل الحاد لدى الناس حين يسمعون صوته، فتسكن الطمأنينة في قلوبهم، هكذا صارت المساجد في السينما رمزًا بارزًا لكل مظاهر التطهّر والهداية والتوبة، ثم التحول إلى الأفضل. 

لوحات أمين محفوظ الفنيّة تصيبك بالدهشة ابن «غوطة دمشق» يحمل ذاكرة تعود إلى الحرب العالمية الثانية حمزة عليان

تجاوز الثامنة والثمانين عامًا ولا يزال يرسم، يصحو مع الفجر، ويجلس في مرسمه محاطًا بلوحاته ومكتبته، ليضع اللمسات الأخيرة على لوحاته التي يستعد بها لإقامة معرضه الخاص قريبًا. دخل أمين محفوظ موسوعة الموهوبين بالرسم، دون أن يعلن هويته أو يقدِّم نفسه في استعراضات هوائية فارغة. ابن غوطة دمشق، عاشق للفنون الأربعة، الرسم والموسيقى والأدب والمسرح، تراه مستغرقًا بسماع مقطوعة أوبرالية لعظماء الموسيقيين العالميين، يأخذك إلى فضاءات أعمالهم، منسجمًا مع مقطوعاتهم بكل ما فيها من ألحان وأداء، تعلو وتنخفض، كأنها أصوات حيّة تتعايش معها، وإلى عالم آخر في هذا الزمن الرديء... على حد قوله.