العدد (726) - اصدار (5-2019)

مقاربات... بين الحب والكُتب محمد الرحبي

قبل أربعة عقود أو أكثر، كنت ذلك الطفل الذي قرأ معلّقة قيس بن الملوح الملقب بالمجنون، فأدهشني كيف يقاسي المرء ذلك الألم لمجرد أنه لم يتزوج محبوبته عبلة.. ويكتبه قصيدة تتناقلها الأزمنة عقدًا إثر عقد؟! من أين تنهمر تلك الكلمات على هؤلاء الشعراء؟ وهل يحتاجون إلى جمر الحب لتنفتح لهم كنوز الكلام، فيغرفون منه ما يشاؤون؟ حتى أضاعتني الأسئلة، وأحسبني أني لم أهتد للأجوبة بعد، رغم ما مرّ تحت جسر العمر من مياه كثيرة... وعليه من أحمال ثقيلة. في تلك الطفولة، التي اكتشفت شعراً يختلف عما يأتي به المشايخ في قريتي، لم نكن نعرف معنى الحب، ولم تكن الكلمة متداولة، أو مصرحًا لها بالتداول، في محيطنا القروي، لم نسمع أبي يقولها، ولا جهاز تلفزيون في بيتنا تظهر فيه فاتنة تقول، أو تسمع، كلمة «أحبك»، فندرك دلالات الكلمة... وما قد يكمن وراءها من عذوبة وعذاب.. ذلك قبل أن أرى نادية لطفي تغرق في قبلات مع عبدالحليم حافظ، فيشعر أبي بالصدمة تجاه هذا الجهاز المسمى بالفيديو، وقد جاء ليحطّم أمله في أن يصبح ابنه يومًا قاضيًا أو واعظًا، كالذين يلتقيهم خلال عمله في وزارة الأوقاف أو المحكمة لاحقًا.