العدد (729) - اصدار (8-2019)

مذكّرات رجل مجهول جابر عصفور

هذا عنوان لافت للانتباه. ولا شك في أنه يؤدي نوعًا من المُفارقة في سياقه، أعنى تركيبًا لغويًّا ظاهره يُخالف باطنه، فالحديث عن رجلٍ مجهولٍ - بعد إرجاع المجاز إلى حقيقته - يقود إلى دلالة غير المراد من ظاهره؛ فهو ليس حديثًا عن رجل مجهول بقدر ما هو حديث عن رجل معلوم، لكنّ اللجوء إلى المفارقة التي تُظهر غير ما تُبطن، هو نوع من الحيلة التي يُريد بها الشاعر صلاح عبدالصبور أن يُنطق المسكوت عنه من الكلام العادي، وأن يتكلم من خلال قناع المفرد إلى صيغة الجمع. أعني يرد المُفرد الشاعر إلى الجمع الذي يمكن أن يكون أي إنسان، وهذا هو مصدر المفارقة وسببها في آن.

تجليّات الحداثة في قصيدة الهايكو العربية عبدالرحمان إكيدر

شهدت القصيدة العربية، عبر تاريخها، تحولات جوهرية، سواء على مستوى الشكل أو المضمون، بدءًا بالقصيدة العمودية ومرورًا بالموشح والزجل، ووصولا إلى القصيدة الحداثية، التي قطعت بدورها أشواطًا كبيرة في مسارها وتحولاتها، بل إن الأمر تجاوز حتى الأجناس الأدبية نفسها، فاخترقت قصيدة النثر فضاءات الكتابة لتتحول الشعرية من التجنيس إلى الكتابة بفضاءاتها الأوسع، وذلك كله بفعل شيوع حرية الإبداع والتجريب، وكذا الانفتاح على الإبداع العالمي تلقيًّا وترجمة وتحليلا.

رمزيّة الأم بين محفوظ وإدريس محمد عطية محمود

تمثّل كتابة القصة القصيرة بإشكالياتها المغايرة للسائد، ورمزيتها الفنية الفاعلة الموازية للواقع والمتقاطعة معه، لدى كل من الكاتبين العظيمين نجيب محفوظ، ويوسف إدريس، ملمحًا مائزًا ومؤثرًا من ملامح التجربة الإبداعية الكبيرة لكل منهما، بالرغم من أنها كانت تمثّل لدى إدريس ما يمكن أن نسميه «بقعة الضوء الساطعة» لإبداعه السردي، الذي تراوح بين القصة أولًا ثم الرواية، ثم المسرح.

رسائل وديع فلسطين ميشال خليل جحا

«نشر رسائل الكُتَّاب، أي رسائلهم الخاصة، يُنظر إليه من جهات مختلفة. فيقال: إنها كتابات فيها خصوصيات، ونفض كتمات صدر، وأشياء من عفو الخاطر، ما تأنّى فيها الكاتب، ولا تروَّى طويلا، فلا تحل إذاعتها في الناس. ويُقال: بل تحلُّ، فهي رسائل أصبحت في يد التأريخ، ثم يختلف رأي القائلين بالنشر، فبعضٌ يرى نشرها بحذافيرها، وبعضٌ يرى نشر أشياء منها وطيّ أشياء، وبعضٌ يرى التريُّثَ في النشر حتى ينقضي زمن المعاصرة. هذا، وليس ببعيد منّا يوم نقول فيه «أدب رسائل»، كما نقول اليوم «أدب مذكّرات»، و«أدب اعترافات»، فإن الناس يشوقهم حب الكشف إلى كل مغطّى»! (أمين نخلة)

التناص الأدبي في شِعر محمد الشهاوي قراءة في «تنويعات على وترِ الفجيعة» د. محمد محمد عيسى

التناص الأدبي من الظواهر الأسلوبية التي طاب للشاعر العربي المعاصر أَنْ يتمثّلها في نصه؛ لأسباب فنية، ودلالية ولقد تمثّلت هذه الظاهرة في الشعر القديم على نطاق ضيق، وربما على أساس آخر، حين كان بعض الشعراء أحيانًا يضمِّن قصيدته بيتًا أو أكثر من قصيدة شاعر آخر. كان هذا قليلاً ما يحدث، وكان الملحوظ فيه أنه دليل على «ظرف الإشارة» و«حسن الالتفات»، وما هو من هذا القبيل. وفي الوقت نفسه كان مجال التضمين مقصورًا على الشعر العربي وحده، فكان الشاعر عندئذٍ يستمد من التراث العربي وحده ما يضمنه قصيدته، ولم ينشغل الشاعر وقتها بأكثر من أن تستتب للقصيدة معياريتها، كان هذا يحدث، وظل يحدث بين الشعراء التقليديين حتى العصر الحديث.