العدد (727) - اصدار (6-2019)

فوكو ومانيه العمل الفني كسلطة وتمثيل عزالدين بوركة

عرف الفن على مر العصور حالات شدّ وجذب بينه وبين السلطة، التي لا تقتصر على المستوى السياسي، بل تتجاوز هذا الأخير إلى مستويات متعلقة باللغة والمجتمع والأيديولوجيا واللاهوت والتقنيات (من منظورية Perspectiva وتمثيل Représentation) وغيرها، حيث إن فناني النهضة ظلوا مرتبطين بإملاءات الكنيسة والمعايير التقليدية القائمة، التي تحكمت لقرون في الخلق والإبداع، وإن بدأت أولى إرهاصات الانفصال والثورة الفنية ضد السلطة مع فن الحديث وقُبيله بقليل، إلا أن تيارات في جغرافيات معيّنة ستتحكم فيها مقاليد السلطة السياسية والأيديولوجية، مما أدى إلى التحكم في التقنيات والمواضيع، خدمة لمصالحها البروباجاندية، كما حدث في الاتحاد السوفييتي والصين الماوية، حيث صار الفن مقتصرًا على خدمة صورة الدولة وحكّامها، وتمرير خطابها.

سامي بن عامر الفنان وعوالمه الحيّة ماجد صالح السامرائي

حين يقول الفنان التونسي سامي بن عامر إن رسومه، على ما فيها من أبعاد طبيعية التشكلات، ولا تتضمن أي «محاكاة لطبيعة بصريّة»، فلكي يُؤكد لمشاهد أعماله أنها ليست «نزهة رومانسية، أو إدراكًا انطباعيًّا لتأثيرات عينية»، وإنما هي، وفق تعييناته لها، «رحلة إنشاء، ووصل» بين النهائي واللانهائي، مما جعلها تأتي مشبّعة بـ «أبعاد الأحاسيس ودلالة الحركات الجسدية التي تُحيلنا إلى الأشكال الأرضية»، والحفريات، وإلى الفضاءات تحت الأرضية ـ أي تلك التي تنتظم في مدارات كونية ـ موظفًا، في هذا، حروف الكتابتين العربية والمسمارية، بما يستخلص منهما من شاعرية، وبـ «مرجعيات ثقافية وروحية» ـ أو أنه يتلقاها على هذا النحو مضمونًا.

عبدالحي حلمي إلى محيّاك نور البدر يعتذرُ أسعد مخول

كثيرًا ما يكون هناك في دنيا الفنّ أكاديمي يلتزم بالأصول، ويحافظ على المبادئ، ويحيط بالأنغام من كل جانب... لكنه لا يبلغ القلوب بيُسر وسهولة. يقابله آخر، يترك العنان لأوتاره، ويبيح الفوضى لريشته، ويبعثر الحروف فوق صحيفته.. ومع ذلك، فإنه يمتلك مجامع تلك القلوب، وتعقد في صالحه جلسات التبرير والتفسير، ويكون فنّه فوق الفنون، وفي هذا نقول: سبحان الله! من هذه الدّائرة الفنيّة اخترت المطرب عبدالحي حلمي، أحد بلابل مطالع القرن العشرين، واخترت من ثماره قصيدة: إلى محيّاك نور البدر يعتذرُ، مع أنّها ليست الأساس في أغانيه.

الوحدة والحياة دون ترك أثر عبدالهادي شعلان

على مدار ساعة و49 دقيقة، طافت بنا المخرجة ديبرا غرانيك عبر فيلم Leave No Trace «لا تترك أثرًا»، الذي تم إنتاجه في يونيو من العام الماضي، والذي قامت ببطولته الممثلة النيوزيلندية توماسين ماكنزي. أدت توماسين دورها ببراعة وبراءة، مما جعلنا نتعاطف معها في نهاية الفيلم حين اتخذت قرار ترك والدها من أجل الحياة الصحيَّة في مجتمع يتعايش فيه الناس بمودَّة وصُحْبة طيبة وسط الطبيعة.