العدد (732) - اصدار (11-2019)
لا ينتهي الفنان دومًا مثلما ينتهي بقية الناس، فمع الزمن تزداد لديه مساحات الإبداع، التي تؤهله لتقديم أداء آخر غير ذلك الذي قدّمه سابقًا، وقد تحقّق ذلك للفنان الراحل عبدالمنعم إبراهيم، حيث اكتسب هذه الملامح بمرور الزمن، خليط من اللين والطيبة، والرحمة والصبر، صبر الحكماء الذين اعتادوا غدر الزمن وقسوة الحياة، وكأن سيمياء الكوميديا قد اختفت من ملامحه، وبدا أنّ عينيه تعكسان وميضًا للحكمة، والنضج، وامتناناً للزمن.
لا شك في أن للفيلم والشعر تقاطعات جمّة تجعل منهما ومن التفكير الجمالي أيضًا وسائل للبحث عمّا يسمّى بالحقيقة الشعرية، التي ترتبط أساسًا بالوجود باعتباره تمظهرًا أسمى لتحقق الفن والإنسان وبحثه المضني عن حقائق أخرى. غير أن هناك تحديًا حقيقيًّا يتعلق بماهية الشعرية وقد اندمجت بخطاب مغاير، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بالخطاب الفيلمي باعتباره منطوقًا بصريًّا بامتياز.
هل يمكننا أن نتصوَّر أنه يوجد لكل إنسان في لحظة ما شبيه له في عالم الحيوان، يَحْمِل انفعالاته نفسها، قوة أعصابه نفسها، توتره، وعُصَابيَّته، رغبته في الانتقام، حَنانه وانسجامه مع الآخر أحيانًا؟ حيوان رُبَّما يُعَاني معاناته نفسها، حتى أنك حين تَرَى أفعال هذا الشخص وأفعال الحيوان، تبتسم وتقول في نفسك: «كأنَّه هُو»! ليس مقصودًا أن الإنسان ينتمي لفصيلة من الحيوانات، إن داخلنا نحن البشر منطقة حسَّاسة تُعَاني مشكلات أو ضغوطًا معيَّنة، فإذا بك تجد حيوانًا يَحْمِل داخل أعماقه الضغوط نفسها، وبالتالي حين تَصْدُر أفعاله فتكون قريبة من نفس أفعال الإنسان الذي يتحمَّل تلك الضغوط أيضاً.