العدد (712) - اصدار (3-2018)
تُعدُّ النهضة الكبرى التي شهدتها أوربا من أواسط القرن الرابع عشر إلى أواسط القرن السادس عشر الميلاديين تراثاً إنسانياً وعالمياً. ولهذا لم تكن موضع اهتمام المفكرين الأوربيين فحسب، وإنما حظيت أيضاً باهتمام باحثين من بلدان العالم كافة، وذلك رغبة في معالجة قضايا بلدانهم والنهوض بها في ضوء التجربة الأوربية، ولا سيما أن كثيراً من القضايا التي واجهتها أوربا في عصر النهضة تواجهها بلدان كثيرة في عصرنا، مثل قضايا الحرية والتعصب والتسامح والتراث والمعاصرة.
كان العرب المسلمون أسبق تاريخياً من البيزنطيين في حفظ وتأليف الملاحم الشعبية الطويلة، فالقصاصون العرب من قبل الإسلام وبعده اشتهروا بحفظهم لأيام العرب وهي كثيرة، وتذكر الروايات أن الخليفة معاوية بن أبي سفيان ومن بعده كانوا يخصصون جزءاً من أوقاتهم لسماع القصص الديني والبطولي المختلـط بالأحداث التاريخية والأساطيـر، بل كانت رواية القصص وظيفة تقف جنباً إلى جنب مع القضاء والحجابة وغيرها من الوظائف، وكان للامتزاج السكاني بين المسلمين وأهالي البلاد المفتوحة من البيزنطيين على الحدود بين الدولتين أثره في معرفة البيزنطيين القصص الملحمي الحدودي.
احتلت الحرف والصناعات الشعبية (التقليدية) وأصحابها مكانة خاصة في الحياة والثقافة المصرية منذ أقدم العصور؛ فقد كانت هناك آلهة للحرف والصناعات في مصر القديمة، مما لا نزال نجد له آثاراً متعددة في ثقافات أهل هذه الحرف على نحو أو آخر إلى وقت قريب، فكل حرفة تنسب إلى نبي أو إلى ولي يعتقد أنه شيخ هذه الصنعة أو معلمها الأكبر. فينتسب النساجون والخياطون إلى إدريس، والصيادون إلى يونس، والذين يحترفون لحام الحديد ينتسبون إلى «ذي القرنين».
حَيّهم إِنْ جئتهم يا سعد حَيّ فـهم أهــل الحيا في كلِّ حيّ (إبراهيم الرياحي) حين يتعلق الأمر بالكتابة عن معلمي سعد مصلوح أجدني متحيراً ومضطرباً، أقدم رجلاً رغبة في رغيبة، وأُؤخّر أخرى رهبة للمعاطب - كما يقول ابن الرومي - لا أعرف من أين أبدأ؟ ولا كيف أبدأ؟ ولا عن أيّ شيء أكتب؟ فهو كثير لدي، وهو كثير في كلَّ شيء؛ في إنسانيته، في علمه، في محبته، في ترحيبه، في علاقته بتلاميذه، في عطائه العلمي، في سماحته في اللقاء، وثرائه في الحديث، في تورعه، في تراحمه، في رعايته لأسرته، في علاقته بزملائه، في محبته لأبنائه، في سؤاله عنك حين تغيب عنه، وفي ردّه عليك حين تهاتفه، في حسن طويته ونقاء سريرته، في تواضعه معرفياً وفي تحدّيه علمياً.