العدد (704) - اصدار (7-2017)
في عام 1985، قررت مجموعة من الشباب المتحمسين والحالمين أن تعلن على الملأ عشقها وتعلّقها بالسينما، فأسست جمعية أصدقاء السينما بتطوان، لتقتسم مع الآخرين انجذابها الجارف نحو الفن السابع، ولتحثّهم على التعرف إلى عوالم سحرية متخيلة منتمية لجغرافيات ومدارس متباينة. وقد كان هذا المشروع مرتبطًا بحركية النوادي السينمائية التي نادت بحق الشباب في فرجة سينمائية ذكية، وتبنت مطالب التغيير والتحديث في مرحلة كان الاحتقان هو ما يميّز العلاقة بين الدولة والمجتمع بالمغرب.
في ربيع العام الحالي، يكون قد مر على رحيل عبدالحليم حافظ (1929 - 1977) أربعون عاماً بالتمام والكمال، الأمر الذي يدعونا إلى التأمل في مسألة فنية أساسية، هي أن هذا الفنان لم ينجح فقط طوال حياته الفنية بين خمسينيات وسبعينيات القرن الماضي في أن يلمع كأشهر نجوم الغناء العربي في أثناء حياته (مع أنه لم يكن المطرب صاحب الصوت الأجمل أو الأقوى أو الأكثر طرباً)، بل إنه بقي متربعاً على عرش نجوميته حتى يومنا هذا، أي بعد مرور أربعة عقود كاملة على رحيله.
تحضر مسألة الزمن في السينما بكثرة، ويطرح هذا الموضوع في أكثر من صيغة وهدف، وكأن هناك حلماً عميقاً لدى المشاهد تحاول السينما بتقنياتها الضخمة وبأجنحة خيالاتها الباهرة أن تحركه في جميع الاتجاهات، بحثاً عن مساحات الحلم والدهشة والحنين إلى الزمن في تجلياته اللامتناهية. يقول الشاعر الإنجليزي في مطلع ديوانه «رباعيات أربع»: «الزمن الحاضر والزمن الماضي/ كلاهما، ربما، حاضر في المستقبل». وفي السينما نجد استحضاراً قوياً لهذه التداخلات التي تمزج التاريخ والخيال العلمي والنبوءات والمخاوف والهواجس في تشكيلات فريدة تأتي في كل مرة بتصورات مثيرة لها مساراتها الغريبة والمتفاوتة في جاذبيتها وثرائها الفكري وطاقاتها الإيحائية.
تاريخ اللوحة هو تاريخ من الصدمات المتتالية. صدمة التصوير الضوئي سلبت منها الواقعية الكلاسيكية. صدمة التقنية والتحولات الجذرية للمجتمعات الأوربية التي أعادت التقنية وحركة رأس المال صوغها في هيئات منسوخة عنهما. جعلت اللوحة هشة البنيان ومرتبكة لتكون اللوح الحساس بتعبير «سيزان» الذي تنعكس عليه حركة الحياة. جريان المعاش وتعقيداته على مستوى الزمان والمكان وإعادة توزيع الفراغ المديني وفقاً للتغييرات الآنفة، فرضا على اللوحة اشتراطات غير مسبوقة.
في عام 1873، بدأ الرسَّام الأمريكي وينسلو هومر برسم هذه اللوحة الزيتية بناءً على رسم بالألوان المائية كان قد أنجزه خلال زيارته إلى مدينة غلوشستر في ولاية ماساتشوستس، وفيها نرى زورق صيد شراعياً في بحر متوسط ارتفاع الموج، وعلى متنه ثلاثة أولاد ورجل كبير في السن.