العدد (703) - اصدار (6-2017)
كانت السنوات الخمس التي قضيتها في الكويت من أجمل سنوات عمري، فهي سنوات اكتمال النشأة العلمية، وتكوين صداقات جديدة، والتعرف على مجتمع لم أكن أعرف عنه شيئاً قبل أن تطأ قدماي ثراه العزيز والدخول في صداقات وتكوين دوائر معارف كان لها أعمق الأثر في نفسي بالقدر الذي أسهم به في اكتمال تكويني النفسي والفكري. ولا أنكر أن تكويني النفسي والفكري كان قد اكتمل نسبيا، قبل أن تطأ قدماي أرض الكويت، فقد ذهبت إليها وأنا في الأربعين من عمري وغادرتها وأنا في الخامسة والأربعين من سني عمري الذي تطاول إلى ما بعد السبعين، وهذه واحدة من نعم الله التي ينبغي أن أشكره عليها.
يبدو واضحاً أن الجمال يمكن أن يكون جمال الوجه والجسد، وجمال الطبيعة والعمل الفني، سواء كان هذا الجمال محضاً وكاملاً، أو جمالاً متآكلاً بفعل الزمن. لكن في ما وراء النموذج المجرد أو الكلاسيكي، أليس ثمة مائة نموذج من الجمال المتنوع وحتى المتناقض؟ والأسوأ من ذلك، مع الانفجار الكوني للفن المعاصر، أصبح الجمال محتقراً، ومفرغاً ومزدرى. هل هذا يعني أنه يجب علينا شطب الجمال من قاموسنا، وأن نشجب الادعاء الأفلاطوني والكوني عن الجمال؟
إذا كانت الأصوات قد بدأت تتعالى في البلدان المتقدمة من أجل محاصرة أو مواجهة السيطرة الصامتة وآلياتها، نقصد بها سيطرة الإعلام، فإن الأمر يبدو أكثر من ضرورة في البلدان النامية التي مازال التحديث فيها يمر عبر المحاكاة والتقليد للنماذج الغربية ومنها النماذج الإعلامية.
كل حديث عن العربية والتعريب في الجزائر يستلزم بالضرورة الحديث عن الفرنسية، سواء بوصفها لغة للعلم والمعرفة والثقافة الحديثة، أو بوصفها أيديولوجية ناقدة ومعارضة للعربية وسياسة التعريب. وإذا كانت النخبة الجزائرية في عمومها تقر بالتوجه الذي يرى في الفرنسية رافداً من روافد المعرفة الحديثة، فإن ثمة من جعل من هذه اللغة هوية وأيديولوجية وأداة لنقد ومعارضة سياسة التعريب، والعمل على إفشالها، سواء كان ذلك بطرق مباشرة وصريحة أو بطرق غير مباشرة وخفية. ولعل المثال الأبرز على ذلك هو ما تعكسه دراسات الكاتب محمد بنرباح، وبخاصة في كتابه «اللغة والسلطة في الجزائر».