العدد (703) - اصدار (6-2017)

عبدالمنعم تليمة.. البحث في «علمية الأدب» محمد عبدالباسط عيد

قد لا نضيف جديداً للقارئ إذا قلنا إنّ حظّ الدكتور عبدالمنعم تليمة (1937 - 2017م) من التأليف المرجعيّ لا يتناسب مع حضوره الثقافيّ المميز لأكثر من نصف قرن عبر المنصات المختلفة؛ فتراث تليمة محدود مقارنة بهذا الحضور العلمي والتربوي، وقد نشبهه – في هذه الزاوية - بالمجدد أمين الخوليّ (1895 - 1966م)؛ فقد كان الخوليّ أيضاً قليل التأليف مقارنة بما كان يمكن له أن ينجزه لو تفرغ لهذا الأمر. قدم تليمة أهم إنجاز له في كتابيه «مقدمة في نظرية الأدب (1973م)، و«مداخل إلى علم الجمال الأدبي» (1978م)، بالإضافة إلى كتابين آخرين ومقالات عدة، وسنحاول في هذه المقالة تقديم قراءة لهذا المنجز، بما يمكننا من تفهّم السياق الثقافي الذي انبثقت فيه هذه الكتابات على مستويي الإنتاج والتلقي أولاً، وتفهُّم هذا المنجز في ذاته ثانياً، وبما يفتح أسئلتنا المعاصرة على إرث قريب، يعد محاولة شديدة الجدية استهدفت وضع البحث في موضوع «الأدب» - إبداعاً ونقداً - على قاعدة العلمية، وظلت وفية حتى النهاية لفكرة الجدل الخلاق بين التشكيل الفني والمجتمع.

عبدالمنعم تليمة وبلاغة الإشارات محمد مشبال

لم يكن أستاذي عبدالمنعم تليمة بلاغياً بالمعنى المدرسي للكلمة، ولكنه فتح عيني على عالم البلاغة الفسيح لأسير في أنحائه تأليفاً وترجمة وإشرافاً لا أكاد أشذّ عنه حتى التصقت بي صفة البلاغي. لم أكن في بداياتي العلمية من أنصار البلاغة مثل معظم الطلاب الذين وجدوا أنفسهم طوال سنوات تحصيلهم العلمي في مرحلتي التعليم الثانوي والجامعي مجبرين على تلقي علم بائد جاف لا بريق له ولا نفع، بيد أنّ اللقاء الأول في السنة التمهيدية للماجستير مع الأستاذ تليمة الذي كان يلقننا مادة «علم الأساليب»، كان كافياً ليغيِّر موقفي جذرياً من البلاغة التي لم تعد وصفاً لأبيات ملغزة، ولا محفوظات لقواعد مقرونة بالشواهد، بل كانت فكراً مرتبطاً بالفلسفة وعلم الجمال وعلمي الاجتماع والنفس وعلم الأساليب. لقد حرص الأستاذ على أن يفتح عقول تلاميذه على ما كان ينشر وقتئذ من دراسات مجدِّدة للبلاغة العربية القديمة.

د. تليمة.. نبل المبادئ وأصالة الفرسان أحمد اللاوندي

في يوم الاثنين السابع والعشرين من شهر فبراير الماضي، وعن عمر يناهز الثمانين عاماً، غيَّب الموت قامة وقيمة أدبية كبرى في ثقافتنا المصرية والعربية، فهو واحد من أبرز المثقفين والأكاديميين المصريين والعرب، كان خبيراً لُغويّاً وناقداً متميزاً ومثقفاً كبيراً، امتلك رؤى ثاقبة وحُجَجاً مقنعة ومنطقاً قويّاً، قرأ فألَّف، وتعمق ففهم التراث والنظريات النقدية الحديثة.