العدد (687) - اصدار (2-2016)

بدوي الجبل ورائعتُه «البلبل الغريب» فاروق شوشة

بين عامي 1904و1981 عاش نابغة الشعر العربي في سورية بدوي الجبل، وهو الاسم الذي طغى على اسمه الأصلي، محمد سليمان الأحمد، منذ نشرت أولى قصائده في جريدة «ألف باء» الدمشقية، مذيّلة بهذا التوقيع، وعندما سعى الشاعر الشاب إلى صاحب الصحيفة يسأله عن هذه التسمية أجابه بقوله: «إن الناس يقرأون للشعراء المعروفين ولستَ منهم، وهذا التوقيع المستعار يحملهم على أن يقرأوا الشعر للشعر، وأن يتساءلوا: من يكون هذا الشاعر المُجيد؟ وأنت في ديباجتك بداوة، وأنت تلبس العباءة، وتعتمد العقال المقصّب، وأنت ابن الجبل».

السرديات النسوية في الأدب الكويتي المعاصر د. عبدالجليل غزالة

عتبات الموضوع تُمَثِّلُ «السَّرديات النسوية» في الأدب الكويتي المعاصر أفعالاً إبداعية، وعمليات إنتاج واسعة للنصوص الفكرية المختلفة، وأشكالاً من التفاعل الاجتماعي الحضاري، وهو ما يخلق تنوعاً في تقنيات السرد (الموضوعات، الشخصيات، الحيز الزمكاني، اللغة الواصفة، رؤية الكاتبة...)، التي تسهم في إثراء وجهات النَّظر السَّردية (Narrative) عند المبدعات الكويتيات، أي أساليب الحكي المشكلة لإنجازاتهن الفكرية، المختلفة الأنواع (Genres).

هل يفضي تقدم الحضارة إلى تراجع الشعر؟ مصطفى قمية

يمكن النظر إلى حياة الإنسان برمتها على أنها مجرد قصيدة. الحياة القصيدة هذه لها بداية هي الميلاد، ولها نهاية معلومة هي الموت. وبين الميلاد والموت هناك كثير من الأحداث التي تبقى، في نهاية الأمر، مجرد تفاصيل. تفاصيل قد تكون كثيرة، وقد تكون قليلة، قد تكون سعيدة، وقد تكون شقية. يقول إيليا أبوماضي: إن الحياةَ قصيدةٌ، أعمارنا أبياتها، والموت فيها قافية

الذكورة والأنوثة في أقدار غادة السمان القصصية أحمد حسين حميدان

مازالت العلاقة القائمة بين الذكورة والأنوثة عند الكائنات الحية عموماً والإنسانية منها خصوصاً، تحتل المكانة الكبرى في سائر الأنشطة الإبداعية على اختلاف أنواعها وتوجهاتها... فثمة سلطات تتحكم في مناحي هذه العلاقة وفي مساراتها، مما جعل الهوّة كبيرة بين صورتها الماثلة على أرض الواقع المعيش، وصورتها الأخرى التي ما برحت تنشدها نصوص العقائد وقصائد الحب، علاوة على ما تقدمت به في هذا الصدد العلوم الأنثروبيولوجية والفلسفية.

هل قرأ جاكبسون كتب الجاحظ؟ الحُبْسة الكلامية د. رياض عثمان

يبدو لي أن الجاحظ (ت 868م)، في هزله وأسلوبه الساخر، قد مهّد لمناهج جادّة مقصودة، تبناها العالم الروسي رومان جاكبسون (ت 1982م)، فلا ندري أطّلع الأخير على ما قدمّه الأول، أم أن القضية إنسانية عامّة تشدّ الناقد اللغويّ إليها؟ وهل نستطيع الحكم على أن زوبعة اللسانيات والفونولوجيا انطلقت من البصرة، وتحديداً من كتاب «البيان والتبيين» ومن عمق الحضارة العربية؟ ما يدفعنا إلى التساؤل: هل بذور اللسانيات عربية المنشأ؟ وكيف نجح استمرار البحث في تطوير علوم اللغة وعيوبها؟ وما مدى التقدّم بعد ألف ومائة عام تفصلهما تقريباً على رصد ظاهرة الحبسة الكلامية؟ فهل تتوصل الدراسات، كذلك، إلى فكّ لغز قضيّة الكلام عند الإنسان؟

اللغة العربية في الهند د. عبدالله القتم

الهند دولة عظيمة، تتمتع بقدر كبير من الاحترام في العالم، ولها تاريخ طويل وعلاقات تاريخية وثقافية مع العرب، وفي بداية العصر الحديث حكمتها بريطانيا العظمى، أولاً عن طريق شركة الهند الشرقية البريطانية التي أُسست بمرسوم ملكي في 31 ديسمبر سنة 1600م، للتجارة مع الهند والمستعمرات الشرقية، وتحت هذا العذر حكمت الشركة البريطانية الهند، ثم تحولت هذه الشركة إلى حكم هذه المستعمرات حتى حُلَّت بعد ثورة الهنود سنة 1857م، وفي نوفمبر 1858م صدر مرسوم ملكي بنقل حكم الهند من شركة الهند الشرقية البريطانية إلى حكومة الهند التابعة للتاج البريطاني مباشرة، وأصبحت الهند رسمياً مستعمرة بريطانية، وتم لبريطانيا السيطرة الكاملة عليها بعد فشل ثورة الهنود ضد الإنجليز، مما عزز نفوذ بريطانيا فيها، وحاول الإنجليز الزحف إلى أفغانستان، ولكنهم جوبهوا بمقاومة عنيفة من قبل الأفغان فتوقفوا عن ذلك. ولكن الهند كانت كبيرة، وقد انقسمت إلى أربع دول: الهند، وباكستان، وبنغلادش، وسيلان (سريلانكا).

ما بين التزمُّت والتمدن منصور مبارك

ثَمَّ غرام صميمي للماضي، تعتصره نفوس أبناء مجتمعاتنا العربية، ومن دون الخوض في أسبابه، فإنه يتملص من مصفاة العقل ومبضع الشك. ولعل هذا العشق المتوهم هو ما يحض على تبني أيديولوجيات ومعتقدات عابرة للأزمان والأوطان، على الرغم من أن مجتمعاتنا لم يكتمل تكوينها الجيولوجي حضارياً وسياسياً، ولم تكف عن الهرولة إلى الوراء. ومع الشكوى والتذمر اللذين غالباً ما يصاحبان أوضاعاً كهذه، وتشويش تنزله بالإنسان لوعة النوستالجيا إلى زمن الينابيع الصافية، فإن الادعاء الأخطر الذي تلوكه ألسنة عشاق الماضي هو أن زمننا الحالي يشهد تفسخاً أخلاقياً وعوزاً في الممارسات السلوكية القويمة.

الثقافة العربية في بريطانيا سها شريف

الثقافة تميز أمة عن غيرها من الأمم وهي هوية الأمة وعنوان بنائها وتتضمن العقائدَ والقيمَ واللغةَ والمبادئ والمقدسات والأنظمة والقوانين والسلوك والمعارف والفنون والأخلاق والعادات... إلخ. ولا تعني ثقافة أمة إهمال ثقافة الآخر، فيجب على كل أمة الاعتراف بثقافة الآخر والسعي إلى التبادل الثقافي على أساس حضاري، واختيار ما يناسبها من تلك الثقافات، وثقافتنا العربية من أغنى الثقافات العالمية، فهي ليست منغلقة ولقد ترسخت جذورها قبل الإسلام ثم أغناها القرآن الكريم وجعلها تنتشر من مشارق الأرض إلى مغاربها. ولكنَّ هناك تآمراً كبيراً على حضارتنا وثقافتنا العربية، ولقد صدرت ترجمات سيئة شوَّهت صورتنا في الغرب وأعطت صوراً سلبية عن الشعوب العربية والإسلامية.