العدد (695) - اصدار (10-2016)

الجفوة معرفة د. جابر عصفور

لصلاح عبدالصبور سطر جميل ودال في شعره يقول: «أجافيكم لأعرفكم»، ودلالة هذا السطر تؤكد أنك لكي تعرف شيئاً أو موضوعاً أو ناساً فلابد أن تتباعد عنهم بعض الشيء لكي تراهم جملة، فتعرف كل التفاصيل التي كانت تغيب عنك، وأنت مستغرق في تشابكات الحياة التي تربطك وإياهم. وقد عبر أرسطو عن هذا الجانب على نحو مختلف في ما أطلق عليه النقاد المسافة الجمالية أو البعد الجمالي. وكان يرمي إلى أنك إذا اقتربت من موضوع للإدراك اقتراباً حميماً جداً فلن يتاح لك إدراكه كلياً في تفاصيله، وإذا ابتعدت عن موضوع الإدراك ابتعاداً كثيراً فإنك لن تراه بوضوح، ومن ثم لن تدركه إدراكاً جمالياً أو غير جمالي.

«العُمَريَّة» رائعة شاعر النيل حافظ إبراهيم فاروق شوشة

ثلاثة ألقاب حظي بها ثلاثة من كبار شعراء العصر الحديث في مصر: أمير الشعراء لشوقي، وشاعر النيل لحافظ إبراهيم، وشاعر القطرين لخليل مطران. وبالرغم من عظمة هذه الألقاب فإنها لم تكسب حامليها من المجد الشعري شيئاً يفوق إنجاز كل منهم في مجال الإبداع. فهم كبارٌ بالفعل، بعيداً عن ألقابهم، وقبلها وبعدها، وهم رموز هذا الشعر في زمانهم إبداعاً وتأثيراً وذيوعَ صيت، الأمر الذي ربط الثلاثة بنسيج الخلود ودوران الذكر، وانعطاف الأجيال التالية لهم بحثاً عن أسباب العبقرية وشموخ القامة.

موظف قريتي... وموظف أوربا أسعد مخول

كنت على مدى أسبوع كامل في تلك المكتبة الكبيرة من مكتبات أوربا، أطلب الكتب وأقلِّب الأوراق، وأدوِّن في مفكرتي أرقام الصفحات التي أرغب في الاحتفاظ بصور عنها. كان من خطئي أنني أبقيت مسألة التصوير إلى اليوم الأخير من إقامتي القصيرة هناك، ظناً مني أنني سوف أفعل ذلك لاحقًا، في مرة واحدة لا غير، وكأن الموضوع موضوع تخصص وتوزيع أدوار: مرة للاختيار ومرة للتصوير. ولم يكن في علمي أن التصوير المؤجل يستغرق وقتاً طويلاً، إذ إنه يتطلب استدعاء الكتب مجدداً من أماكن حفظها.