العدد (697) - اصدار (12-2016)
علاقته باللغة العربية، في خوفه المستمر عليها وقلقه على أحوالها، وغيرته على مستقبلها، قد تبدو مثل علاقة أب مع ابنته، وهي مشاعر قديمة، جعلته يبذل لأجل الاهتمام باللغة جهداً كبيراً ومشهوداً في مراحل مبكرة في حياته، حاول بها أن يحميها ممن يدعون إتقانها. وإذ بدأ في دراستها تلميذاً مخلصاً، ودارساً نهماً لمعرفتها حق المعرفة، فقد انتهى إلى أن يكون كذلك أحد أبرز من درسوها في الجامعات الجزائرية، بإصرار لا يلين على أن يعيد إليها وهجها الذي خفت كثيراً لأسباب عديدة يتعرض للكثير منها في هذا الحوار الذي بدأ وانتهى أيضاً من وعن وإلى «العربية».
يعد البروفيسور تشو وي ليه واحداً من أبرز دارسي ومعلمي اللغة العربية وآدابها في الصين، وأحد المخلصين في نقل التراث الثقافي العربي للغة الصينية، فهو، ربما على خلاف كثيرين ممن يشاركونه التخصص في الصين، لا يتوقف عند علوم اللغة وآدابها فقط، بل يرى أن هذا الاهتمام باللغة العربية لا بد أن يوازيه جهد كبير آخر لفهم الثقافة العربية؛ بما يقتضيه ذلك من فهم للظواهر الاجتماعية والظروف السياسية والقوانين وعلوم الإدارة وغيرها من مجالات.
على الخائض غمار ترجمة المصطلح النحوي إلى لغات غير العربية، أن يستند إلى مجموعة أسس ومبادئ علمية تخصّ اللغتين: المنقول منها (الأصل) والمنقول إليها (الهدف). وعلى المترجم أن يكون عارفاً بأصول اللغتين، وفق ما أشار إليه الجاحظ، ملمّاً بعاداتهما وطباعهما، ويمكنني أن أضيف: مراعياً خصوصية المصطلح العلمي؛ لأن ترجمة المصطلح محكومة بمجموعة نقاط:
عند البحث في تاريخ مدينة عريقة مثل مدينة الموصل، يقف الإنسان مطولاً أمام شخصيات ذكرتها كتب التاريخ والسير، قدمت كثيراً في ميادين كثيرة، منها الإقراء (تلاوة القرآن الكريم) والتفسير والفقه والنحو والطب والفلك والتاريخ وغيرها، خاصة في العصور الإسلامية، ولكن من الممكن أن تغفل بعض المصادر سير وجهود قسم من تلك الشخصيات، مثل الشخصية التي سأقدمها لكم اليوم، حيث تعرفت عليها أول مرة من خلال كتاب الدرس النحوي في الموصل للدكتور عباس علي الأوسي.
دأبت مجلة العربي منذ بداياتها على الاهتمام باللغة العربية الفصحى والدفاع عنها، لأن اللغة هي الخط الدفاعي الأول عن وجود الأمة العربية وتاريخها وفكرها وتراثها الأدبي والثقافي، وكذلك عن جوهر وجودها الروحي. ولم تقف «العربي» عند نشر الدراسات اللغوية الحاضنة للفصحى، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك نحو تخصيص إحدى ندواتها حول «الثقافة العربية في ظل وسائط الاتصال الحديثة» ومن مداميك هذه الثقافة اللغة.