العدد (614) - اصدار (1-2010)

الخنساء.. دمعة القصيدة العربية.. سعدية مفرح سعدية مفرح

ينظرون إليها شاعرةً للحزن والكمد والتفجع، حيث تسيل الدموع من سفوح قوافيها وتتتابع الآهات بتتابع المفردات على مدى الشعر. لكنني أراها المرأة الحرة التي حاولت أن تبتكر طريقتها الخاصة في البكاء شعرا، لا لتبكي وحسب، بل لتؤكد حريتها وفرادتها، وتكرس موهبة كبيرة في فن العربية الأول في ذلك الزمن القديم. فليس أسهل من أن تبكي امرأة فقدت معظم المقربين إليها، وعاصرت أرواحهم وهي تتقطر من بين يديها ذهابا أبديا

قصيدتان محمد علي شمس الدين

أنا شجيرة الأسَفْ رأيتُ أغصاني على التراب تنحني وتنقصفْ سمعتها تصيحُ يا مُغيث قبل أن تموت حسرةً وكَمَداً وكان عندليب يأسها

أوائل الكتابة جابر عصفور

كلما حاولت أن أتذكر متى عرفت أن أمسك بالقلم لأكتب أدبا، غامت الذكرى، ولم أجد سوى رجع أصداء مستهل طه حسين لكتابه «الأيام»، حين قال: «لا يذكر لهذا اليوم اسما، ولا يستطيع أن يضعه حيث وضعه الله من الشهر والسنة، بل لا يستطيع أن يذكر من هذا اليوم وقتًا بعينه، وإنما يقرَّب ذلك تقريباً، وأكبر ظنه أن هذا الوقت كان يقع من ذلك اليوم في فجره أو في عشائه، يرجّح ذلك لأنه يذكر أن وجهه تلقى في ذلك الوقت هواء فيه شيء من البرد الخفيف الذي لم تذهب به حرارة الشمس

أَورَاقٌ تَحتَ جِدَارِ التَّارِيخ ميلود حميدة

في شوارع المدينة: .. وكَانَ الحَيُّ كَالحَيَاهْ .. ضَفِيرَةٌ تَمتَدُّ في عُمقِ الأَمَاكِنِ المُغبّرهْ ... أَرَى التُرَابَ يُشبِهُ عُرُوقَ الدَّمِ في اليَدَينِ في وُجُوهِ النّاسِ

قصص على الهواء نبيل سليمان

في قصة «ثلاثتهم دهاقنة حرباوات لدنة خضراء برائحة تعبق». يرسم عثمان شنقر بمكنة وثقة وألوان مؤثرة ثلاث شخصيات، لا فكاك بينها، فكما وحّدتها الطبيعة، فالمدينة، وحّدها السرد. ومثلها جاء رسم الغول، أي الفضاء الصحراوي الرملي، حيث كل شيء تحول إلى لاشيء, وكذلك جاء رسم الغول الآخر: الفضاء المديني، سوى أن الأول واضح، أما الثاني فأمرّ وأدهى. تذخر القصة بالصور الطازجة والبديعة، كتلك التي تجلو العنوان

خليفة الوقيان شاعر الحلم والهم والحرية أحلام الزعيم

أستعير هذا العنوان أو بعضه من العنوان الذي اختارته الزميلة الدكتورة نجمة إدريس لكتابها القيّم الذي أفردته للحديث عن حياة وأدب الشاعر خليفة الوقيان وكان بعنوان: «خليفة الوقيان شاعر الحلم والهم». ولا بأس نلتقي في العنوان وفي التناول، وقد قيل قديماً: «الشعر جادة يلتقي فيها الحافر على الحافر» والحافر هنا هو الرأي والمعنى والموقف، فقد تلتقي الآراء والمعاني والمواقف في الشعر وفي قراءته وقد تختلف، وكذلك في النقد، فقد تلتقي الآراء والمواقف

السفر... مقاربة ظاهرية هنري فريد صعب

غاية السفر الأولى الوصول إلى المكان. لكنّ المكان يقيم خلف المسافة، والمسافة تقيم خلف الزمان. لذا، كان على السفر أن يُلغي هذين التوأمين المتلازمين العصيّين: المسافة والزمان. وقد ابتكر لذلك شتّى الوسائل إلى أن وصل في عصرنا إلى سرعة الصاروخ. على أن السفر في محاولته إلغاء هذين التوأمين، إنّما يُلغي ذاته. إذ في إنجاز غايته موته، فوصوله إلى المكان واتصاله به أشبه بالنار التي تأكل ذاتها بعد التهام وليمتها

الأيام الجميلة! فاضل السباعي

أعرف أنك لست لي! أنت لأولئك الذين تكتب لهم، تكتب عنهم! كثيراً ما باح لسانها بمثل هذا، وساعة ينتابها الغضب، فإن صرخاتها تترامى إلى سمعه وهو مغلق الباب على نفسه يقرأ أو يكون منعطفاً على أوراقه يكتب، والمرأة الأخرى تلك، كثيراً ما صرّحت لابنته، معبّرة عن إعجابها: - ما أسعد أمك بأنها زوجة كاتب! ليس له أن ينسى ساعة خرجت من البيت، في ذلك المساء الممطر! وهو يذكر جيداً الجهد الذي بذل ليحول دون خروجها، حتى بلغ حد المنع القسري