العدد (677) - اصدار (4-2015)

زمن القرزمة جهاد فاضل

روى‭ ‬الشاعر‭ ‬الكبير‭ ‬بشارة‭ ‬عبدالله‭ ‬الخوري‭ (‬الأخطل‭ ‬الصغير‭) ‬مرة،‭ ‬حكاية‭ ‬تتصل‭ ‬ببداياته‭ ‬الشعرية،‭ ‬قال‭: ‬كنتُ‭ ‬أتردّد‭ ‬وأنا‭ ‬فتى‭ ‬دون‭ ‬العشرين‭ ‬من‭ ‬عمري‭ ‬إلى‭ ‬حلقة‭ ‬الشيخ‭ ‬إسكندر‭ ‬العازار،‭ ‬شيخ‭ ‬الحلقات‭ ‬الأدبية‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الزمان،‭ ‬وكنتُ‭ ‬أقرأ‭ ‬عليه‭ ‬قصائدي،‭ ‬فيتناولها‭ ‬بالنقد‭ ‬اللاذع،‭ ‬وهو‭ ‬يُردّد‭: ‬‮«‬لن‭ ‬تكون‭ ‬شاعراً‭ ‬يا‭ ‬بشارة،‭ ‬أنت‭ ‬صحفي،‭ ‬دع‭ ‬الشعر‭ ‬لسليم‮»‬،‭ ‬مشيراً‭ ‬إلى‭ ‬سليم‭ ‬العازار،‭ ‬أحد‭ ‬أعضاء‭ ‬الحلقة‭. ‬وذات‭ ‬ليلة‭ ‬كنّا‭ ‬في‭ ‬مقهى‭ ‬من‭ ‬مقاهي‭ ‬بيروت‭ ‬البحرية‭ ‬نجلس‭ ‬حول‭ ‬الشيخ،‭ ‬فالتفت‭ ‬إليّ‭ ‬فجأةً‭ ‬وقال‭: ‬هاتِ‭ ‬ما‭ ‬عندك‭ ‬يا‭ ‬بشارة،‭ ‬فقرأت‭ ‬عليه‭ ‬قصيدةً‭ ‬لا‭ ‬أذكرها،‭ ‬فلما‭ ‬انتهيتُ‭ ‬الــتــفـــتُّ‭ ‬إليه‭ ‬فوجدته‭ ‬يبتسم‭ ‬وهو‭ ‬يحمل‭ ‬صَدَفة‭ ‬من‭ ‬صدفات‭ ‬التوتيا،‭ ‬يُعمل‭ ‬سكّينه‭ ‬فيها‭ ‬ويتناول‭ ‬لحمها‭ ‬اللذيذ،‭ ‬ويقول‭ ‬لي‭: ‬‮«‬شعرك‭ ‬مثل‭ ‬التوتيا‭ ‬هذه‭ ...‬‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬اللحم‭ ‬اللذيذ،‭ ‬وتسعة‭ ‬وتسعون‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬الصدف‭ ‬الشائك‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يصلح‭ ‬لغير‭...‬‮»‬،‭ ‬هنا‭ ‬توقف‭ ‬عن‭ ‬الكلام‭ ‬ونظر‭ ‬إليّ‭ ‬ساخراً‭ ‬ورمى‭ ‬الصدَفة‭ ‬في‭ ‬البحر،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬جئت‭ ‬الحلقة‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬بقصيدتي‭ ‬التي‭ ‬مطلعها‭:‬