العدد (679) - اصدار (6-2015)

الجانب المجهول من أدب نجيب محفوظ محمود كحيلة

كان فن الشعر أولى عتبات فنون القول التي وطئها نجيب محفوظ (1911 - 2006)، مستشرفاً به عالمه الإبداعي الضخم، بيد أنه لم يعتمد هذا الفن الأدبي الأثير لدى متلقيه، إذ أحجم قانعاً بعدم نشر محاولاته الشعرية الأولى، مكتفياً منها بادخار ملكات هذا الفن وإشراقاته وتحصيلها، كذاتية التعبير وخصوصية الرؤية، ما أفاده لاحقاً في دعم وإثراء مشروعه الروائي الذي أبدع فيه وتميز به، فامتلك بشاعريته الأولى خاصيةً مضافةً لأسلوبه في السرد الروائي، وهي ثراء اللغة، فكانت أكثر كثافة وعمقاً وطلاوة في الصياغة، وكانت أكثر تميزاً في سياقيها الجمالي والفكري، حيث امتد نطاق الشعرية ليشمل لدى محفوظ كل كتاباته النثرية، مستلهماً أبعاد كل تجربة على حدة بما امتلك من ناصية الخبرات الجمالية والفلسفية، ليحمل عليها طرحه القصصي والروائي، فيما امتد هذا الطابع واضحاً جلياً أيضاً في مقالاته الفكرية والأدبية، فضلاً عن جرأة كانت تعكسها مقالاته السياسية، مبعثها استلهامه العميق لتراثنا التاريخي القديم، وإدراكه الواعي للأحداث المستجدة والقضايا المطروحة محلياً ودولياً، إضافة إلى فهمه الخاص ورؤيته الاستشرافية.