العدد (681) - اصدار (8-2015)

ويبقى المتنبي... شاعر النفس الإنسانية فاروق شوشة

وهل ثمة جديد يقال عن أبي الطيب وشعره، وهو الذي ملأ الدنيا وشغل الناس قرونًا متصلة وما يزال؟ لابد أن وراء هذا الحضور الدائم لشعره سرًّا لم تُفك طلاسمه بعد، وسحرًا يتزايد بكثرة وارديه وقاصدي ضفافه. والسؤال الذي يجب طرحه اليوم هو: لماذا نجح شعر المتنبي - دون سواه - في تمثيل الذاكرة الشعرية العربية، والإقامة في طواياها وعبر تخومها، استدعاءً واستشهادًا ومرجعية على تعاقب الأزمان وتعدّد الأوطان؟

ذكريات أمل دنقل جابر عصفور

أتاح لي عملي النقدي أن أدخل في علاقة صداقة مع كثير من المبدعين، ولكن علاقتي مع أمل دنقل (1940-1983) كان لها وضع خاص، فقد ظل أمل أقرب المبدعين من الشعراء إلى قلبي وعقلي. ويبدو أن أول أسباب ذلك يرجع إلى تقاربنا في العمر، فلم يكن أمل يسبقني في الميلاد إلا بأربع سنوات، تجعلنا أبناء جيل واحد، فأمل – مثلي- بدأ وعيه للعالم يتشكل مع العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956، وهو العدوان الذي كان له أكبر الأثر في تفجير موهبة أمل دنقل الشعرية، وذلك على النحو الذي يمكن أن نقرن فيه عام 1956 ببداية الوعي القومي عنده وعندي.

قضية الحرية في شعر بدوي الجَبل غازي أبوعقل

هذا نص كامن في لاشعوري، يزداد رسوخاً كلما تأملت في قصائد الشاعر الراحل، ولطالما تمنيت أن ألتقط من بيدره حبات ذهبية من قمح تصوره للحرية، أصنع منها رغيفاً يغذي توقي إلى هذه الواحة الأسطورية، أقتات عليه طوال ليالي الحلم بها، الذي لا يتجسد في الواقع. لم يكف «البدوي» عن إنشاد الحرية ونشدانها، منذ أن أطل على دنيا الشعر، جاعلاً منها قضيته الدائمة يتناولها من منطلقات متنوعة شكلاً منسجمة جوهراً. ولما كانت (حتى) الحرية التي لا تدرك تعتمل في أعماق الإنسان، أغريت نفسي بمراودتها، مستعيناً عليها بقليل من رحيقها المعتق في دنان بدوي الجبل.

قراءة في «شارع الحوانيت المعتمة» رشا عدلي

اهل‭ ‬ترى‭ ‬أنه‭ ‬يشبهني؟ب‭... ‬إنه‭ ‬السؤال‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يتوقف‭ ‬بطل‭ ‬الرواية‭ ‬عن‭ ‬طرحه‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الشخوص‭ ‬الذين‭ ‬يقابلهم‭ ‬في‭ ‬الرواية،‭ ‬حيث‭ ‬يمد‭ ‬لهم‭ ‬صورة‭ ‬يظهر‭ ‬فيها‭ ‬وجه‭ ‬لشخص‭ ‬ما‭ ‬يشك‭ ‬أنه‭ ‬هو،‭ ‬وتأتيه‭ ‬الإجابة‭ ‬دائماً‭ ‬مربكة،‭ ‬فلم‭ ‬يؤكد‭ ‬أحد‭ ‬أنه‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬في‭ ‬الصورة،‭ ‬وكذلك‭ ‬لم‭ ‬ينف‭ ‬أحد‭. ‬وتعد‭ ‬رواية‭ ‬اشارع‭ ‬الحوانيت‭ ‬المعتمةب‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬ما‭ ‬كتب‭ ‬الروائي‭ ‬الفرنسي‭ ‬صاحب‭ ‬انوبلب‭ ‬باتريك‭ ‬موديانو،‭ ‬وربما‭ ‬كانت‭ ‬الأكثر‭ ‬شهرة‭ ‬ونجاحاً‭ ‬من‭ ‬مجموع‭ ‬أعماله‭ ‬التي‭ ‬تزيد‭ ‬على‭ ‬ثلاثين‭ ‬رواية‭. ‬

يوم أحرقت الكتب حسين عيد

كان صديقي «إدي» صبياً صغيراً نحيفا. يمكنك أن ترى أوردة زرق في معصميه وصدغيه. يقول الناس إنّه مصاب بالسلّ، وإنّه لن يعمر طويلاً في هذا العالم. كم أحببته وكم ازدريته أحياناً. كان أبوه السيد «سوير» رجلاً غريباً. لم يستطع أيّ فرد على الإطلاق أن يكتشف ما كان يقوم به في هذا الجزء من العالم. لم يكن مزارعاً أو طبيباً أو محامياً أو مصرفياً. لم يكن لديه مخزن. كما لم يكن مدرّساً أو موظّفاً حكومياً. لم يكن – وذلك هو المهم – رجلاً نبيلاً. كان لدينا عديد من المقيمين الرومانسيين الذين وقعوا في حبّ قمر منطقة البحر الكاريبي، كانوا جميعاً سادة نبلاء وعلى النقيض تماماً من السيد «سوير» الذي لم تكن لديه ذرة تهذيب في خطابه. إلى جانب أنّه كان يبغض القمر وكلّ ما يرتبط بمنطقة البحر الكاريبي، ولا يمانع في إخبارك بذلك.

في المقهى أمين الباشا

لم أعدْ كما كنت سابقاً... لسبب أجهله، هل لأن الأيام ليست متشابهة؟ لا يمر يوم شبيه بيوم سبقه، أنا كذلك، أقول ... أيمكنك أنت أيضاً؟ فلا تقل وتردد ما تقوله كل يوم منذ التقينا... منذ جمعتنا الصُدف... أذكر يومها أنني كنت بصحبة صديق... لم تكن لك معرفة به... ارتبطنا بصداقة أو شبه صداقة... والتقينا بعدها وأصبحنا نلتقي يومياً... لأني ارتحت لما كنت تقصّ عليّ، وتحكي وتظهر معرفتك بأشياء كثيرة جعلتني أكتشف أن لي صديقاً ذا ثقافة، وهذا نادر... لكن يا صديقي كل ما كنت تخبرني به كان يتردّد على لسانك كل مرة نلتقي به... وهذا منذ سنوات... والسنة مؤلفة من 365 يوماً.. لقد تعبت وحفظت كل ما قلته وردّدته يومياً. في السياسة والأدب والفن، أنا لم أدرك هذا، قال لي متعجباً، كنت ومازلت أعتقد أنك مستمع ومرتاح لما أقوله، أنت تفاجئني الآن، سأسكت الآن، قال مازحاً: