العدد (684) - اصدار (11-2015)

من «بديع» أبي تمام فاروق شوشة

«البديع» عند أبي تمام معناه «الـمُبدَع»، أي الجديد الذي لا سابقة له ولا تقليد فيه للسابقين، والمصطلح هنا يتجاوز المعنى الضيق القديم للكلمة، الذي يقف بها عند حدود الجناس والطباق والكناية والتورية وغيرها من الفنون البديعية التي يعنى بها عالم البلاغة في الدرس المدرسي. ولأن البديع عند أبي تمام عنوان ومدخل لحركة تجديد كبرى في تاريخ الشعر العربي على مر العصور، أشعلت الصراع بين أنصار التجديد من جهة والخارجين على النظام الشعري الموروث من جهة أخرى، فإن انقسام الرأي حول شعر أبي تمام بين أنصاره وخصومه كان أمراً طبيعيًّا ومتوقعاً.

بلاغة التكرار د. جابر عصفور

يذهب علماء البلاغة القدامى إلى أن التكرار هو أن يكرر المتكلم الكلمة الواحدة باللفظ والمعنى. والمراد بذلك تأكيد الوصف أو المدح أو الذم أو التهويل أو الوعيد أو الإنكار أو التوبيخ أو الاستبعاد، أو غرض من الأغراض.

الشكوى والعتاب عبدالله خلف

أبو منصور الثعالبي أديب ولغوي وناقد وصاحب الكتاب الشهير «يتيمة الدهر». ولد سنة 350هـ في نيسابور عاصمة خراسان، وكانت من أعظم المدن الإسلامية في القرون الوسطى مع مدن بلخ، وهراة، ومرو مسقط رأس عمر الخيام وفريد الدين العطار وإمام الحرمين عبدالله النيسابوري. والثعالبي هو عبدالملك بن محمد بن إسماعيل الثعالبي، كان فرّاء يخيط جلود وفراء الثعالب فنسب إلى صناعته، درس الأدب والتاريخ فنبغ واشتهر. قال الباخرزي عنه هو جاحظ نيسابور، وكان من أشهر علماء شرق العالم الإسلامي (ما وراء النهر) وهو من منارات القرن الرابع الهجري في الأدب وله عدد من الكتب بعد «يتيمة الدهر»، منها «العقد النفيس في نزهة الجليس»، و«فقه اللغة وسر العربية»، ونسب إليه «الشكوى والعتاب وما وقع للخلان والأصحاب»، الذي قامت بتحقيقه د. إلهام عبدالوهاب المفتي، وهي أستاذة في كلية التربية الأساسية - قسم اللغة العربية في الكويت سابقاً. وقام المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بطبعه ضمن سلسلة إحياء التراث.

في أعماق شاعر الوجدان والأشجان إدريس جمَّاع عصمت معتصم البشير بانقا

المواقف الإنسانية أو الهزائم النفسية، غالباً ما تخلق العظماء من المبدعين، خاصة المتطلعين إلى ارتقاء بالحياة الإنسانية، والشاعر السوداني إدريس محمد جماع، الذي مرت ذكرى رحيله قبل فترة، يُعد من تلك الطينة، وهو واحد من أميز المبدعين الذين عَبَروا بالشعر في السودان نحو الجدة والحداثة، ويرى النقاد وأهل الأدب أنه لو اكتفى بهذا البيت «أنت السماء بدت لنا واستعصمت بالبعد عنا)» لكفاه، لأن مثل هذا القول لم ولن يبتدعه شاعر إلا هو.

إستراتيجية التجريب في رواية «غيثة تقطف القمر» الحسين أوعسري

أصدرت المبدعة والباحثة المغربية د. زهور كرام، خلال الآونة الأخيرة، رواية جديدة عنونتها بـ «غيثة تقطف القمر». يقع هذا النص، الذي جاء عنوانه استعارياً، في مائة وست وعشرين صفحة من الحجم المتوسط، ليضاف إلى روايتين سابقتين، هما: «جسد ومدينة» (1996) و«قلادة قرنفل» (2004)، وكذا إلى سلسلة الأعمال النقدية التي ساءلت فيها الباحثة الخطاب الروائي من زوايا مختلفة.

جمال بن حويرب يُجسِّد سر الشعر هياماً وعصفاً وجدانياً عبده وازن

ديوان الشاعر الإماراتي جمال بن حويرب «الفاتنة» الصادر حديثاً عن دار «ضفاف» – بيروت، ومنشورات «الاختلاف» - الجزائر هو أشبه بمفاجأة جميلة حملها إلى أصدقائه وعارفيه الذين قرأوا قصائده منشورة في الصحافة أو استمعوا إليها في مناسبات عدة. جمع الشاعر أخيراً قصائده في ديوان هو أكثر من ديوان، نظراً إلى تنوع أجوائه وتعدد أغراضه الشعرية ومدارسه أو اتجاهاته. وقد حان فعلاً نشر هذا الديوان الذي من أولى مهماته أن يضع هذا الشاعر الحقيقي على خريطة الشعر الإماراتي والعربي، وأن يرسخ حضوره في المشهد الشعري الراهن.

الأضداد في اللغة... كلمات تؤدي المعنى ونقيضه عبدالمنعم عجب الفيا

العقل يفكر ويدرك الأشياء ويميز بينها عن طريق الثنائية الضدية Binary Oppositions. والحكمة القديمة تقول: بضدها تتميز الأشياء: صحيح خطأ، حق باطل، حقيقة كذب، روح مادة، حياة موت، رجل امرأة، نور ظلام، عدل ظلم، حرية عبودية، فوق تحت، كبير صغير، واسع ضيق، بارد حار... إلخ. بهذه الثنائية الضدية يؤسس العقل لمعرفته بالعالم، ويصنف الأشياء والظواهر ويميز بين الكائنات والموجودات، ويجري تبادل المعرفة بحقائق الوجود، وتقوم عملية التواصل والفهم المشترك بين بني الإنسان، وذلك باستخدام اللغة كلاماً أو كتابة أو إشارة.

المرشد التشيكي يوسف الشاروني

لا أظن أن أحداً يستطيع أن يلعب دور المرشد السياحي بمثل ما لعبه وأداه ذلك الشاب التشيكي الظريف المثقف الذي رافقنا من مطار براغ حتى كارلوفي فاري ثم من كارلوفي فاري إلى براغ مرة أخرى، حيث أقمنا أياماً في فندق الأوليمبك ومنه إلى مطار براغ من جديد. وهناك لم يشأ أن يتركنا لحظة حتى انتهينا تماماً من كل إجراءات الجوازات والجمارك ولحقنا بطائرة «ك.ل.م» التي أقلتنا إلى أمستردام بهولندا. أقول لا أظن أن أحداً كان قادراً على أن يفعل ذلك بمثل ما فعله بكفاءة عالية مندوب شركة شيروك للسياحة.

الحلـــم يوسف محمد فرغلي عبدالعاطي

أتذكر الآن... يبدو وكأنه شيء حدث منذ فترة طويلة، فعندما كنت صغيرة، كنت أحلم عادة بأنني في ساحة التزلج أظهر مهارتي العالية، أرقص وأدور بخفة ورشاقة على الجليد مثل كوكب سابح، أو مثل طائر يلامس صفحة الماء. حلمت من قبل بأنني ألعب مع أمواج البحر، أقفز على قمم الأمواج وأغوص بين ثناياها. في الحقيقة أنا لا أستطيع السباحة أو حتى التزلج على الجليد، حتى إنني لم أذهب إلى البحر من قبل، وحينئذٍ لم تكن لدي القدرة على شراء زوج من أحذية التزلج، بل حلمت كذلك بأنني شخص آخر مختلف تماماً، حلمت بأنني فتاة ذات جمال مهيب، ذات طلة بهية وحركات رصينة ورشيقة، وهذا ما يختلف تماماً عن الواقع، حيث كنت مترددة، خائفة، مكتئبة. في أحلامي لعبت أدواراً تمنيت أن ألعبها في الواقع، وفعلت أشياء كثيرة اتضح لي أنها مجرد ضرب من الخيال.