العدد (667) - اصدار (6-2014)
منذ ما يزيد على ألف وخمسمائة سنة، خاطب زهير بن أبي سلمى، حكيمُ قومه وشاعرُهم، في معلقته الشهيرة، قبيلتي عبس وذبيان بعد الحرب الطويلة والطاحنة بينهما المعروفة بحرب داحس والغبراء، داعيا إلى الصلح ونبذ التقاتل، قائلا: وما الحربُ إلا ما عَلِمْتُمْ وذُقْتُمُ وما هو عنها بالحديثِ المُرَجَّمِ متى تَبْعَثوهــا تبعثوهــا ذَميمةً وَتَضْرَ إذا ضَرَّيْتُموها فتَضْرَمِ فَتَعْرُكُكُمْ عَرْكَ الرَّحى بثِفالها وتَلْقَــحْ كِشـافًــا ثـم تُنْتَجْ فَتُتْئــمِ
للجمال حضور طاغ يتسلل إلى الوجدان والمشاعر، ويعتبر جمال الخيول العربية واحداً من تلك الصفات التي أبهرت العالم، وبالذات ذلك التناسق الفريد في مكونات جسمه ورأسه وعينيه وأنفه.. ثم رشاقته التي تغنى بها الشعراء على طول الزمان، هذا المخلوق البديع تحيط به الآن «المخاوف» من تسلل سلالات أخرى إلى أنسابه، بعد أن كانت «الأصالة» إحدى المميزات العريقة للحصان العربي الأصيل.
عرفت إشبيلية، عبر تاريخها الطويل، غزاة وفاتحين قدموا إليها من بلاد كثيرة, منهم الفينيقيون والإغريق والقرطاجنيون والقوط والفاتحون المسلمون، وقد ترك كل هؤلاء آثارهم راسخة في هذه المدينة بحيث لم تتمكن صروف الدهر، وهي كثيرة، من محوها أو القضاء عليها. لهذا ظل الدخول إلى إشبيلية دخولاً إلى عصور كثيرة: متجاورة حينًا, متراكبة حينًا آخر، خفية مرة، واضحة مرة أخرى.. وهذه العصور التي تمثّل، في الواقع، كيان المدينة، وذاكرتها الذاهبة بعيدًا في الزمن. لكن إشبيلية التي استضافت، خلال عمرها الطويل، حضارات كثيرة وثقافات مختلفة لم تفقد أبدًا روحها المتوسطية وملامحها الشرقية. فهي من أقرب مدن الشمال إلى الجنوب، رفدته واسترفدته، أخذت منه، وأعطته، فتاريخها ظل، على امتداد ألفي سنة، موصولاً به, لهذا نجد في إشبيلية شيئًا من الجنوب، ونجد في الجنوب شيئًا من إشبيلية.
تقول الكتب: إن يأجوج ومأجوج سيشربون مياه بحيرة طبريا كاملة حتى تنشف! فهل هي بركة صغيرة أم أن الشاربين القادمين كثر؟! فهل ستجف فعلا، وهي مازالت منذ بدء التكوين تستقبل مياه الأنهار العذبة القادمة من الشمال، لتصبح أكبر مخزن للمياه في فلسطين؟