العدد (670) - اصدار (9-2014)
من أعظم الصِّلات بين العبد وربه ما كان قائمًا على التعظيم والامتثال، وقد زرع الإسلامُ في قلب المسلمين ارتباطهم وتعلقهم ببيت الله الحرام الذي يستقبلونه يوميًا في صلواتهم وتتُوقُ نفوسُهم لرؤيته وحضوره، ليأخذ ذلك التعظيم أبعاده في قلب المسلم وعقله على البعد والقُرب، ويرتبط به مصيرُه في الخير أو الشر، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزالُ هذه الأمة بخير ما عظّموا هذه الحُرْمةَ حقّ تعظيمها، فإن ضيّعوا ذلك، هلكوا».
المدينة التي لا تتوقف عن معانقة السماء، بينما تقبع تحت قدميها تلك الصخرة الشامخة منذ الأزل (ما قبل الميلاد)، خاشعة من خشية المدينة (نفسها) المَهيبة المنظر المليئة بالتاريخ والأسرار والمعرفة، ويحرسها الوادي الرابض في رباط وملازمة لكل ثغر دفاعاً عن كل حماها وحدودها. في كل مرة أزورها أجدها مختلفة، يقال إن المدن مثل البشر في تغيرهم وتحوُّلهم، لكن ريح الزمن العابر من أعمار البشر تطفئ جذوة الجمال المشتعلة فيهم، وتحول قوتهم إلى ضعف فتَهِن عظامهم وتشتعل رؤوسهم شيبا.