العدد (656) - اصدار (7-2013)

ولادة «العروبة الدفاعية» د. محمود حداد

يصادف شهر يونيو ذكرى مرور قرن كامل على انعقاد المؤتمر العربي الأول في الفترة الواقعة بين 18 و22 يونيو 1913 في القاعة الكبرى للجمعية الجغرافية الفرنسية في باريس. وقد نبعت الفكرة من خمسة شبان عرب يدرسون في العاصمة الفرنسية: عبدالغني العريسي، محمد المحمصاني، توفيق الفايد (من بيروت)، عوني عبدالهادي (من نابلس)، وجميل مردم بك (من دمشق). وكان المؤتمر ممثلا بهؤلاء الشبان وبحزب اللامركزية الإدارية العثماني الذي كان يتخذ من القاهرة مركزًا له، وبالجمعية الإصلاحية البيروتية التي كانت قد تألفت في نهاية 1912. وقد مثل ذلك المؤتمر أكثر النشاطات السياسية العربية العلنية التي دافعت عن الفكرة العربية الحديثة قبل الحرب العالمية الأولى. وكتب أكثر من مؤرخ عن هذا الحدث وأسبابه وتداعياته، فكان أن ركز كل من كتب في الموضوع على جانب من جوانب المؤتمر الذي دافع عنه البعض على أساس أنه كان يهدف إلى مطالبة الفئة الحاكمة من القوميين الأتراك (جمعية الاتحاد والترقي) بحقوق العرب في الدولة العثمانية، كما كان منهم من هاجمه بدعوى أنه كان حركة متفقة مع المصالح الأوربية عامة والمصالح الفرنسية خاصة والهادفة، وقتها، إلى وضع المشرق العربي تحت احتلالها المباشر أو نفوذها غير المباشر، الأمر الذي أثبتته اتفاقيات سايكس - بيكو أثناء حرب 1914 - 1918 وإقامة الانتداب الفرنسي على سورية ولبنان والانتداب البريطاني على العراق وفلسطين بعد الحرب.

المناخ العثماني لـحركة الإصلاح العربية أحمد بيضون

استنهضت ثورة 1908 الدستورية همم التيارات القومية في الدولة العثمانية. فراحت هذه التيارات تسلك سبيل المبادرة العلنية إلى إعلان أمانيها وتميل إلى توخي الإقدام في سعيها إلى تحقيق مطالبها. وكان من بين هذه التيارات التيار العربي بتنويعات مختلفة فيه. وذاك أن كلّ طرف من أطرافه كان يعتمد لحركته نطاقا أو قاعدة ترابية بعينها. وكان يختلف التصور لمضامين الحركات ولأساس التضامن المعلن في كل منها وطبيعة العلاقة المتوخاة بالدولة العثمانية وبالقوى الدولية الأخرى. وهذه اختلافات لم يخل تحديدها من دور للوجهات الطائفية التي كانت قد جنحت إلى التسيّس وتوزّعت مفاتيحها على القنصليات الأوربية ومراجع الدولة العثمانية نفسها في مدى القرن التاسع عشر.