العدد (657) - اصدار (8-2013)

طهران ثقافةُ الشهداء.. أو حضارةُ الأحياء؟ أشرف أبواليزيد

من فوق قمة برج (ميلاد) في العاصمة الإيرانية طهران، كنتُ أقلب البصر بين معالم المدينة. لا شيء يكشف لك عن اختلاف من هذه المسافة الشاهقة التي تعلو 185 مترًا عن سطح الأرض، لا تبدو لك أسرار، ولا تبين لك خفايا. تبدو المدينة شبيهة بكل المدن، لها دروبها المشجَّرة، ومعالمها الآسرة، وجغرافيتها النافرة، يحدها جبل في الأفق، وتميزها هضاب في مدى البصر، وتضع علاماتها شواهق معمارية عملاقة تظهر نادرا. بيوت واحدها مثل مكعب الأسمنت، ومساحات خضراء مفردها مثل بساط الريح. مبان بيضاء، ومساجد مزخرفة. حتى أبناء وبنات البلد الذين صعدوا إلى السماء لمشاهدة حاضرتهم، كان يمكن أن ترى مثلهم بابتساماتهم في أي مكان، وزمان، وبينهم أجانب ـ مثلنا ـ يزورون تلك التحفة المعمارية العصرية الأنيقة التي تسجل جدرانها رموز وعلامات الحضارة الفارسية.