العدد (661) - اصدار (12-2013)

التشبيه الصرفيّ د. مصطفى علي الجوزو

يتخيّل المتشدّدون أنّ مستعمِل اللغة كالقطار، إذا خرج عن السكّة الحديد تدهور، لكن العرب تصرّفوا مع اللغة بعفويّة وكثير من الحريّة، وكان ممّا لجأوا إليه ما يمكن تسميته التشبيه الصرفيّ، وهو قياس تقريبيّ، ستكون هذه المقالة أوّل دارسة له، على الأرجح؛ وصِفَتُه أنّه قياس لا شعوريّ، غالبًا، يقرِنه بعض اللغويّين بالتوهّم، وتنشأ عنه صيغ صرفيّة مخالفة للمتعارَف. وقد زعموا أنّ بعضهم اعتبره غلطًا، وادّعى أحدُهم أنّ المغلِّط له هو سيبويه، لكنّنا لم نجد مصداق ذلك في «الكتاب»، بل وجدنا فيه أنّ العرب «يشبّهون الشيء بالشيء وإن لم يكن مثله في جميع الأشياء». والغلط لا يُنسب إلى الأمّة، فما تقرّه يكن صحيحًا، وإن كان نادرًا، لكن قد يُختلف في صحّة القياس عليه. وقد علّل ثعلب الأمر بأنّ «العرب تشبّه الحرف بالحرف» فتعامل «الحرف الزائد معاملة الأصليّ (...) ومثله في كلام العرب كثير». وقوله «كثير» يوحي أنّه قياسيّ؛ على أنّ التشبيه لا يقتصر على معاملة الزائد معاملة الأصليّ، بل يكاد يشمل كل تشابه.