العدد (752) - اصدار (7-2021)

ما بين الحرام والعيب د. جابر عصفور

إذا كانت البطلة في رواية (الحرام) قد ارتكبت جريمة أخلاقية لا يمكن اغتفارها، لأنها محرمة في الأرض والسماء، فإن البطلة في رواية (العيب) توصم بهذه الصفة؛ لأنها تقترف النواهي وتتعدى على أعراف المجتمع التي ينبغي أن تتصف بها المرأة. هكذا تربت «سناء» البطلة في رواية (العيب) في ظل أسرة تحترم قيم الشرف والنزاهة، وتخرجت في الجامعة حاملة لواء الشرف والعفة، ثم قادتها الأقدار للعمل مع بعض زميلاتها في إحدى المصالح الحكومية، وهناك في المصلحة (إدارة التراخيص) التي التحقت بها تجد عالمًا آخر على النقيض من عالم القيم التي تربت عليها وزرعها فيها والدها الذي كان لا يزال يتبع نظامًا صارمًا من القيم الأصيلة التي لم يعد لها وجود في عالم سناء التي تفاجأت أن عالم «المصلحة» التي التحقت بها يمثل عالمًا آخر غير عالم القيم التي تربت عليها، فهو عالم كل شيء يباع فيه بالمال.

حُزنُ الغريب د. سعود هلال الحربي

كان سليم البنية الجسمية، بهيّ الطلعة، أبيض البشرة، ليس بالطويل ولا بالقصير، لم يكن ذكيًا، وأيضًا لم يكن غبيًا بليدًا، كانت تصرفاته تجعل البعض يتهكّم عليه، لكونها تخالف المألوف لا أكثر، ولكن أهم من ذلك كله رقّة مشاعره، ورهافة حسّه، وتجاوزه عن إساءة الآخرين له، رغم يقينه بسوء مقصـــدهم وظنهم.

الشعر النسائي العربي في كندا د. لطيفة حليم

صدر عن دور النشر الكندية الكثير من المجموعات الشعرية النسائية العربية، بالعربية والإنجليزية والفرنسية لشاعرات عربيات يقمن في كندا، وذلك خلال منتصف القرن العشرين. وظهر الزجل (الشعر العامي) في تجاربهن قبل الشعر، منذ نهاية القرن التاسع عشر، وإن لم يتيسّر له النشر؛ إذ تم تداول الكثير منه بين النساء في لقاءاتهن، وأغلبهن مسيحيات من بلاد الشام - جبل لبنان، هاجرن، إبان الحكم العثماني وتفشّي الاضطهاد الديني وتدهور صناعة الحرير. نذكر منهن أسما شحلاوي، هاجرت سنة 1882 وتوفيت في مونتريال 1927، وأني مدلج، هاجرت سنة 1885 وتوفيت في كندا 1947. ومنهن من ولدن بكندا، من قبيل أسما حداد (1909 - 1999)، وهؤلاء تناقلن بعض القصائد الزجلية، التي يهيمن عليها حنينهن إلى بلاد الشام.

الأدب الروائي الصيني إطلالة عن قُرب صالح حسن أبوعسر

«أعمال تمزج بين الهلوسة الواقعية والحكايات الشعبية والتاريخ والمعاصرة»... بهذه العبارة لخّصت لجنة نوبل للآداب رؤيتها لروايات غوان موييه، وهي تمنحه الجائزة الأدبية الكبرى عام 2012 عن روايته «الذُّرة الحمراء الرفيعة»، التي ترصد الكثير من التفاصيل اليومية للمجتمع الزراعي الصيني أثناء الاحتلال الياباني للصين. وبالاقتراب أكثر مما ينتجه حكّاؤو بلاد التنين، نجد أننا بصدد السياحة في عالمٍ لا نهائي الصور والابتكارات والموضوعات والاتجاهات، إلّا أننا نمسك بعاملين مشتركين يومضان بداخل أغلب الأعمال الروائية الصينية المعاصرة، هذان العاملان هما الصدى الكلاسيكي، ومأزق الحياة المعاصرة.

التحول بين كافكا وتشيخوف قراءة في مجموعة «مأساة غريغوريو» القصصية د. محمد نافع العشيري

صدر عن دار سليكي أخوين مجموعة قصصية مترجمة للكاتب المغربي محمد بوزيدان، وقد ضمت أعمالًا قصصية لكتاب كبار من ثقافات مختلفة، نذكر منهم: فرانز كافكا من تشيكوسلوفاكيا، وغابرييل جارسيا ماركيز من كولومبيا، وآنا ماريا ماتوتي من إسبانيا، وأوسكار وايلد، وخوليو رامون ريبيرو من البيرو، وخورخي بورخيس من الأرجنتين، وأنطوان تشيخوف من روسيا، وخوان رولفو من المكسيك، وخوليو كورتاثار من الأرجنتين. وقبل إبداء ملاحظات حول هذا العمل الترجمي، لا بدّ من وقفة قصيرة عند تاريخ الترجمة العربية ومساراتها الكبرى. فقد مرّت هذه الترجمة بمرحلتين أساسيتين. تبدأ الأولى مع خالد بن يزيد بن معاوية، ومن بعده ابن المقفع، لكنّها ستتخذ طابعًا مؤسساتيًا بعد تأسيس بيت الحكمة في زمن الخليفة المأمون، الذي اهتم أساسًا بترجمة العلوم والفلسفة اليونانية إلى اللغة العربية، إمّا عبر اللغة السريانية، أو مباشرة من اليونانية.

بين فعل الحرب وقولها مساحة الرّواية اللبنانية جورج دورليان

ذات يوم طلبت سهام، إحدى شخصيات «رسالة بعد الوفاة» لدومينيك إدّه، من تلاميذها، أن يرسموا لها «مشهد هدنة بين معركتين»، فأتت النتائج كالآتي: «أغطية ذات مربّعات فُرشت بعجلة على رصيف»؛ «رجلان منحنيان على حجارة سوداء وبيضاء يلعبان النرد تحت سماء داكنة في مشهد جامد لا حياة فيه»؛ «أولاد يطاردون طابة بين الأنقاض»، وأخيرًا، من بين رسوم أخرى، «مخطّط لثلاثة رجال نائمين مع أسلحتلهم» خلف أكياس من الرمل، وقد كُتبت في كعب الصفحة عبارة «هذا أفضل من لا شيء». أمّا كاتب الرســالة نفسه، فيقول ردًّا على سؤال يُفترض أنّ شخصًا ما قد طرحه عليه: «لا تطلبوا مني أن أحكي لكم الحرب (...) فأنا ما عدت أذكر أبدًا التسلسل الذي انتظم فيه تعطّل الأمور» ، ويستطرد «إن الحرب، كما صار معلومًا، لم تعد موضوع تفكير، وهي ليست على الإطلاق مرآة لشيء».

«كل الشهور يوليو» تاريخ الثورة في ثوب رواية أحمد فضل شبلول

تنتهي رواية «كل الشهور يوليو» للروائي والإعلامي المصري المتميز إبراهيم عيسى بإسدال الستار على قصة حب من طرف واحد، حمله أحد الضباط الأحرار - وهو الصاغ صلاح سالم - للأميرة فايزة (شقيقة الملك فاروق)، والتي ساعدها صلاح سالم على الخروج من مصر بمجوهراتها الملكية، والذهاب إلى اسطنبول للحاق بزوجها محمد علي رؤوف، صاحب الجنسية التركية، الذي لم يكن حاملاً الجنسية المصرية، وذلك قبل إعلان الجمهورية المصرية بأيام قلائل، ليسدل الستار على نهاية الملكية في مصر، وزوال عصر الأسرة العلوية التي قام ضدها انقلاب الضباط (ثم الحركة، ثم الحركة المباركة، ثم ثورة 23 يوليو 1952)، التي استمرت في حكمها منذ أن اعتلى عرش مصر الوالي الألباني محمد علي عام 1805 وحتى إعلان تحويل مصر إلى جمهورية عام 1953، أي حوالي قرن ونصف القرن.