العدد (589) - اصدار (12-2007)
بمناسبة العيد الخمسين لمجلة العربي كان هذا الحديث المهم لصاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، الذي أدلى به سموه إلى رئيس تحرير «العربي». وتدين «العربي» بالفضل في صدورها إلى إيمان المسئولين الكويتيين، وعلى رأسهم سمو أمير البلاد، بالدور الذي تقوم به الثقافة العربية في توثيق العلاقات بين مختلف دول العرب. لذا فقد حرص سموه منذ ميلاد هذه المجلة على دعمها وجعلها واحدًا من أفضل السفراء الكويتيين إلى كل بيت عربي
كانت مجلة «العربي», ومازالت, منارة ثقافية أضاءت بنورها دروب الوطن العربي من الخليج إلى المحيط.. فقد قدمت عبر مسيرتها الطويلة نموذجًا ناجحًا من الأطر الثقافية والإبداعية وتميّزت برونق الأسلوب والمضمون، ما جعلها قبلة للطامحين إلى المعرفة والاستزادة بنور الفكر
منذ صدورها قبل خمسين عامًا وحتى اليوم، شكلت «العربي» رمزًا كويتيًا ثقافيًا متميزًا إلى حد جعلها جزءًا من اسم الكويت ومعلمًا من معالمها. نجحت «العربي» في طرح صيغة جديدة لمعنى المجلة الثقافية، إذ زاوجت بين العلم والأدب، بين التحقيق المصور والكلمة المبتكرة، وبين الشعر والنثر والنقد والإبداع في صورة رصينة للابتكار الإعلامي. لقد احترمت «العربي» قارئها فبادلها ذلك بالثقة وتعامل معها كمرجعية ثقافية
كانت بدايةُ قصتي مع «العربي» بالمملكة المغربية، بمدينة فاس بالذات، وليس في دولة الكويت، كان التاريخ أواخر عام 1958م عندما انعقد بالمغرب المؤتمر الإقليمي الأول للجان الوطنية العربية التابعة لليونسكو. بهذه المناسبة ورد علينا الأستاذ الدكتور أحمد زكي بصفته رئيسًا للوفد المصري المشارك في المؤتمر الذي كان يضم حشدًا من رجالات مصر
أنظر إلى حفيدتي الصغيرة وهي تتصفّح مجلة «العربي»، فأتذكّرني يوم كنت صبية أحتضن العدد الأول من المجلة الأم، وأقرؤها من الغلاف إلى الغلاف. هل حقًا كبرتُ خمسين سنة منذ أن شهدتُ ولادتها حتى اليوم ونحن نحتفل بمرور نصف قرن على إنشائها؟
منذ ثلاث سنوات كنت في مدينة «تيزنيت» إحدى الحواضر المهمة في الجنوب المغربي حيث تحتضن ضريح مولانا الشيخ «ماء العينين» إمام المجاهدين المغاربة في الجنوب وفي دار حفيده الصديق «النعمة ماء العينين»، كنت أتحلق حول التلفزيون، بمعية عياله الصغار، نتابع الأخبار من التلفزة المغربية فأطلت سيدة وقور، في سياق خبر عن حقوق الإنسان هناك
قد يختلف تذكّر أيام الشباب عن التذكير بها، لكن لقاء لابد أن يتم بين هذا التذكّر وذاك التذكير، لقاء عند «شعلة البهجة»، هذه الشعلة التي تضيء بقعة نفسية تحمل البسمة والدمعة معًا، وتقود باتجاه سيل من الذكريات قد تنفض - نظريًا - ذاك التعداد من السنين الخوالي حتى تدب في النفس بعض دفء لأيام قد أثلجها الزمن
حدث جميل أن يُحتفل بمرور خمسين عامًا على صدور مجلة العربي، وأن يحضر المرء توقيت الصدور وهو في ريعان الشباب. وتوقيت الاحتفال بخمسين عامًا من الصدور وهو رجل في شبابه المعنوي حتى لا أقول كهلاً. تلك مكرمة من الله نذكرها فنحمده عليها، وهي ذكرى طيبة تتزاحم في الذهن بمناسبتها كثير من الأفكار والذكريات
جميلة، رصينة، مكتنزة، تكمل عامها الخمسين اليوم، لكنها لم تفقد رونقها وجاذبيتها وحماستها للتجديد والتألق، فهي في مرآة نفسها ومرآة أصدقائها وعشاقها مازالت تحتفظ بقوة الإدهاش والمفاجأة، تمد البصر والبصيرة الى المستقبل لترسم الطريق إليه، عبر الموهبة والحوار واحترام الآخر، والانفتاح على كل مضيء في الثقافة والإبداع
كانت لي تجربة مع العدد الأول من مجلة العربي، وهي حكاية واقعية ليس فيها أي زيادة أو نقصان، لا في الشكل ولا في المضمون. كنت في ذلك الوقت عند صدور العدد الأول أقيم في مدينة كمبردج في بريطانيا، في شارع كَفَنْدِش رقم 117
في صيف عام 1958 اتصل بي الأستاذ أحمد السقاف، نائب مدير دائرة الإرشاد والأنباء، وحدثني عن مشروع ثقافي تتبناه الكويت ويكون لمصلحة المواطن العربي في كل مكان. وهذا المشروع هو إصدار مجلة تكون هدية الكويت إلى العالم العربي توحد بين العرب
عدد قليل من المجلات الثقافية الشهرية، التي استطاعت أن تجذب القارئ، وتثير اهتمامه طوال نصف قرن، إنها قدرة فذة، أن تبقى كل هذا الوقت في ظل عالم يتغير بوتيرة سريعة. ولعل في قصة نشأتها، وطبيعة مادتها، وفي تجددها، ما يساعد على الإمساك بسرها، فقد تتابع على تحريرها شخصيات ثقافية من الوزن الثقيل