العدد (577) - اصدار (12-2006)

نساء في روايات نجيب محفوظ. محمد المخزنجي

يسقط ضوء الصباح على اللوحات الزيتية التسع التي انتهى من رسمها الفنان الكبير وصفها واقفة على الأرض في بيته الأنيق الدافئ، وبينما كنت أتأملها معه كان السؤال الذي قفز إلى خاطري عندما علمت بمشروعه لرسم الشخصيات النسائية في أدب نجيب محفوظ يتفاعل لايزال: كيف تستجيب تراجيدية المعالجة عند نجيب محفوظ، للبهجة التشكيلية التي تتسم بها أعمال حلمي التوني ؟ لكنني بعد وقت قصير من المشاهدة أدركت الروح المشتركة بين عملي الكاتب والفنان

نساء في أدب نجيب محفوظ محمد المخزنجي

«خارت قواها في الصالة فارتمت على طرف الكنبة وكلماته القاسية الحاسمة تتردد في باطنها، ليس الرجل هازلا، ومتى كان هازلا؟! ولم تستطع مبارحة مكانها - على رغبتها في الفرار - أن يثير نزولها قبل مغادرته البيت على خلاف المألوف ريبة الأبناء الذين لا تحب لهم أن يستقبلوا يومهم أو يذهبوا إلى أعمالهم متجرعين خبر طردها، وثمة إحساس آخر - لعله الحياء - أقعدها عن أن تلقاهم في ذل المطرود، وقررت أن تبقى حيث هي حتى يغادر البيت

محاكمة الرؤساء جابر عصفور

أول ما يلفت الانتباه في رواية «أمام العرش» (التي كتبها نجيب محفوظ بعد عامين من اغتيال السادات ودخول مصر في زمن مغاير) هو غلافها الذي يتحول إلى دلالة علاماتية (سميوطيقية) على المعنى الكلي أو المغزى النهائي من العمل. وليس من الصعب «تجنيس» العمل، فهو «مسرحة فكرية» تعتمد على الحوار الفلسفي الذي يدور بين أطراف بقصد الوصول إلى رأي في قضية، أو الوصول إلى موقف يعتمد على مساءلة الأطراف المشاركة

شخصيات تنسحب من الضوء سليمان الشطي

من أطراف هذه الحارة سنقتنص بضع شخصيات، تمثل نماذج لآثار من ضغوط مختلفة أخرجتها عن النسق الاجتماعي أو دفعتها إلى الانسحاب إلى داخلها مبتعدة عن حركة الحياة من حولها. وهذا الخروج أو هذا الانسحاب متعدد ومتنوع ومتطور، كل شخصية منها لها مسارها، أو نكهتها المتميزة، وتقدم رؤية خاصة تسمح للناظر فيها بأن يسير معها إلى مسارات كثيرة. هذه إذن قطفات نضجت على يد فنان استطاع أن ينحتها، ويبث فيها حياة وحيوية

حكاية بلا بداية ولا نهاية. يحيى الرخاوي

التاريخ الذي يعنيه محفوظ هنا ليس هو التاريخ المكتوب في كتب التاريخ أو وثائقه، وإنما هو التاريخ الحي الماثل في وعي الإنسان، إن تعبير محفوظ «كن كالتاريخ»، لا يفيد التشبيه، بقدر ما وصلني وهو يحدد ما هو التاريخ، وكأنه يقول: «أنت (أنا) التاريخ»، ذلك أنه أردف بعد هذه النصيحة من الأب استجابة الابن وهو يقول: «وسعدت جدًا بالتوجه إلى تيار التاريخ الذي لا أعرف له بداية، ولن يتوقف عند نهاية، ويضيف كل شأن إلى مجراه موجة مستمدة من حب الحقيقة الأبدية»

حكاية بلا بداية ولا نهاية.. د. يحيى الرخاوي يحيى الرخاوي

لعل نجيب محفوظ كان يصف نفسه حين أعلنها على لسان أب يخاطب ابنه في مستهل روايته «العائش في الحقيقة» قائلا: «.. كن كالتاريخ، يفتح أذنيه لكل قائل، ولا ينحاز لأحد، ثم يسلم الحقيقة ناصعة هبة للمتأملين».

محمد سلماوي: ظلمنا نجيب محفوظ إبراهيم فرغلي

الكاتب الصحفي والمسرحي محمد سلماوي (رئيس اتحاد الكتاب في مصر) واحد من الكتاب الذين ارتبطت اسماؤهم - بين كتاب وأصدقاء آخرين - باسم أديب نوبل الراحل نجيب محفوظ. إذ جمعت بينهما صلات وثيقة تعود بداياتها إلى مطلع السبعينيات في مكتب الكاتب الراحل توفيق الحكيم بمبنى جريدة «الأهرام»، كما أن سلماوي اضطلع بصياغة المقال الأسبوعي لمحفوظ بالأهرام على مدى الاثني عشر عامًا الأخيرة منذ تعرض محفوظ لمحاولة الاغتيال عام 1944 التي أثرت على قدرته على الكتابة

سينما محفوظ من جفاف الوقائع.. إلى نهر الواقعية علي أبوشادي

يحتل نجيب محفوظ مكانًا مرموقًا ومكانة رفيعة في السينما تكاد تعادل مكانه ومكانته في عالم الأدب، فقد استطاع من خلال كتابته المباشرة للسينما وعبر خمسة عشر عامًا تقريبًا، أن يغير وجه السينما المصرية وينحو بها نحو الرصانة والجدية. ويفتح الطريق أمام دروب جديدة في الكتابة السينمائية منذ أن كتب أول سيناريو «مغامرات عنتر وعبلة» عام 1945 وحتى توقف تقريبًا عام 1959 حين تولى مسئولية الرقابة على المصنفات الفنية وهو العام ذاته الذي فطن فيه صناع السينما إلى إبداعاته الأدبية

أحلام توقظ أحلامًا المحرر

حين تصدى الفنان الكبير محمد حجي لتقديم رسوم مصاحبة لنصوص نجيب محفوظ «أحلام فترة النقاهة»، لم يكن يقدم ترجمة تشكيلية لهذه الأحلام، بل كان يقدم أحلامًا موازية أيقظتها في نفسه هذه النصوص الحلمية، التي أخطأ كثيرون بالتعامل معها كأحلام منام. وما هي كذلك. فهي تحديدًا أحلام فنية، شأن نصوص الأدب الجيدة جميعًا. بل شأن كل ألوان الفنون التي يمكن تلخيص جوهرها في أنها ألوان من الحلم يتضافر الوعي واللاوعي معًا في إنجازها

الحلقة الذهبية في إبداعه محمود الربيعي

برحيل نجيب محفوظ، تكتمل حلقات إبداعه، ومن بين هذه الحلقات تتألق حلقة ذهبية وسيطة، هي الحلقة التي يسمّيها البعض «مرحلة ما بعد الواقعية»، ويسمّيها البعض «المرحلة الرمزية»، وأوثر أن أسميها «مرحلة تيار الوعي». تضم هذه المرحلة رواياته «اللص والكلاب» و«السمان والخريف»، و«الشحاذ»، و«الطريق»، و«ثرثرة فوق النيل»، و«ميرامار». وثمة فروق أساسية ينص عليها «روبرت همفري» صاحب كتاب «تيار الوعي في الرواية الحديثة»

الطريق.. سعي نحو المحال هالة أحمد فؤاد

فى ظلمة الفجر العاشقة، الممر العابر بين الموت والحياة على مرأى من النجوم الساهرة، على مسمع من الأناشيد البهيجة الغامضة، طرحت مناجاة متجسدة للمعاناة والمسرات الموعودة لحارتنا!! هكذا يفتتح الراوى حكايته الأولى فى الحرافيش (عاشور الناجى)، حيث يلقي بنا مباشرة فى وهدة اللحظة التى يلتبس فيها النور بالظلمة التى تنداح تدريجيا لتفسح مجالاً لانبلاج الصبح!! ولعله حين وصف ظلمة الفجر بالعاشقة لم يبالغ كثيراً

قسوة الذاكرة إدوارد سعيد

في العام 1980 حاولت أن أثير اهتمام ناشر نيويوركي، كان يبحث عن كتب خاصة بالعالم الثالث كي يقوم بنشرها، لإصدار الأعمال العظيمة للكتّاب العرب في ترجمة من الدرجة الأولى، ولكن بعد قليل من التفكير تم رفض الفكرة. وعندما تساءلت عن السبب أُخبرت - دون أن أكتشف أي سخرية مبطنة - بأن اللغة العربية لغة مثيرة للجدل. وبعد عدة سنوات أجريت مراسلات طيبة - ومن وجهة نظري مشجعة أيضًا

عبقرية استشراف المستقبل كامل يوسف حسين

في حوالي عام 1947، قرأت روايته «زقاق المدق»، وأحسست في التو أنه لم يُكتب شيء مثلها باللغة العربية. وأتذكر الذهاب إلى سهرات طه حسين الأسبوعية مع لويس عوض والإتيان على ذكر هذا الكتاب، لأجد أنه ما من أحد هناك قد سمع بنجيب محفوظ أو بالرواية. وقد ذكَّرتني فاطمة موسى، وهي إحدى ناقدات مصر البارزات - ووالدة الروائية أهداف سويف - ذكّرتني أخيرًا كيف أنني عندما كانت إحدى طالباتي في جامعة فؤاد الأول تحدثت بحماس عن نجيب محفوظ وعن «زقاق المدق» خلال الدرس

أبلغ الشعر أكذبه وأبلغ السرد أفضحه عبدالله الغذامي

يكاد الجاحظ يكون هو الاسم الوحيد الذي وقف في مواجهة النسق المتشعرن في ثقافتنا، ولقد ضاعت محاولة الجاحظ ولم تتمكن من كسر الشعرنة الثقافية عربيًا، ذلك لأن هذا النسق قد تمكن من الثقافة وسيطر على كل قيمها الذوقية والعقلية. وكان مجيء المتنبي هو قمة التمثيل لذلك النسق المتشعرن ولشروطه، حيث تمثل المتنبي النسق وعبر عنه وصار صوته الأقوى، وتمثلناه نحن عبر حبنا للمتنبي، وحفظنا لشعره وترديدنا لكلماته

مقاربة سردية لموقف سياسي صلاح فضل

امتد العمر بكاتبنا الراحل ليشهد تحولات جذرية في هذه المفاهيم، وتذرع بشيء من مكر أستاذه طه حسين عندما كان يريد أن يعبر عن اختلافه مع التيارات التي لا ترضيه فيدعي أنه لم يفهمها، هكذا قال طه حسين عن كتابات العقاد في عبقرياته، وهي العبارة ذاتها التي أُثرت عن نجيب محفوظ في تعليقه على أبحاث مجلة «فصول» للنقد الأدبي التي فتحت مطلع الثمانينيات، باب التحولات البنيوية وما بعدها في التحليل النقدي للإبداع

رسامو عالم نجيب محفوظ أشرف أبواليزيد

حين تدخلُ مقهى ريش، في وسط القاهرة، تستقبلك لوحة للفنان جورج البهجوري، جمع فيها وجوه أجيال من مبدعي مصر المجايلين له، والسابقين عليه؛ بين روائيين وشعراء، رسامين ومطربين، ممثلين ومضحكين. ستجد أم كلثوم وأحمد رامي، وتتعرف إلى كامل الشناوي وتوفيق الحكيم، وتتأمل صلاح عبد الصبور وطه حسين، وتتذكر يوسف إدريس ورشدي أباظة، وتعيش مع ريشة جورج البهجوري وكلمة حسن فؤاد وسخرية عادل إمام

مفاتيح لدخول الحارة.. يوسف القعيد يوسف القعيد

اعتراف شخصي، قبل شهادتي عنه: عندما دونت اسمه وكتبت تاريخ ميلاده. وبتأثير العادة فقط امتدت يدي لتدوين تاريخ وفاته. فوجئت برجفة أصابت يدي. أثرت على حركة القلم. اكتشفت أن يوم الوفاة الذي عشته بالطول والعرض. قد تاه من الذاكرة. هل كان ذلك عملية رفض آلية لحقيقة أنه مات؟ وعدم تصور القدرة على التعامل - مع الآن - مع قاهرة من دونه ومصر من غيره. إنها المرة الأولى التي أخط فيها يوم وفاته. بعد يوم ميلاده مباشرة

الإسلامية والروحية محمد حسن عبدالله

تلقيت بعد صدور الكتاب من نجيب محفوظ رسالة خطية (نشرت صورتها مجلة البيان التي تصدرها رابطة أدباء الكويت - مايو 1972) ومن أهم ما تضمنت من عبارات قوله: «ولعل الاضطراب الناشئ من قراءة أدبي أحيانًا مصدره أن قلبي يجمع بين التطلع لله والإيمان بالعلم والإيثار للاشتراكية، ومحاولة الجمع بين الله والاشتراكية مثار للظن بالإلحاد عند قوم، وبالمحافظة عند آخرين»، ثم تتضمن هذه الرسالة عبارات وردت بنصها - تقريبًا - في رواية «قلب الليل»

قراءة أخرى: الشكل ثم الشكل...! صلاح الدين بوجاه

عاشرت نص نجيب محفوظ طويلاً، وبالغت في العناية به، قبل أن أتحوّل عنه للاطلاع على الرواية الإسبانية، ورواية أمريكا اللاتينية معتبرًا أن روائع الأدب الغربي - الفرنسي خاصة - التي ملأت ذهني ومخيالي لا تعدو أن تكون من قبل التمارين المدرسية...! وبقي محفوظ كبيرًا رائعًآ مقارنة بالأنماط والأجناس، وجميع التحولات، التي عرفها نوع الرواية على مر العصور، بل لعل القيمة الكبرى النابعة من أدبه

قالوا عنه المحرر

مآثر الأديب العربي الكبير نجيب محفوظ المتميزة في عالم القصة والرواية العربية جعلته في طليعة الأدباء العرب الذين نالوا شهرة عالمية واسعة