ملتقيات العربي

ندوة مجلة العربي ولغتها العربية نصف قرن من المعرفة والاستنارة بالاشتراك مع اليونسكو

المجلات الثقافية ودورها في تحرير الانسان التونسي

دور المجلات الثقافية
في دعم الهوية العربية الإسلامية للشعب التونسي
(1881-1956)

أ. د. الحبيب الجنحاني

         لا يمكن الحديث عن ظاهرة "المجلات الثقافية"، وعن دورها في الوعي بالهوية العربية الإسلامية، والوعي بالشعور الوطني دون الإلماع إلى الظروف التاريخية التي ساعدت على بروز حركة الطباعة، وتأسيس الدوريات في البلدان العربية التي عاشت تجارب تحديثية في القرن التاسع عشر، فالاهتمام بحركة الطباعة والنشر مثل ركنا أساسيا من أركان برامج تحديثية شملت إصلاح التعليم، وإصلاح أجهزة الدولة، وتعليم اللغات الأجنبية، وتأتي تونس في طليعة الأقطار العربية التي عاشت تجربة تحديثية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، فقد تم تأسيس المطبعة الرسمية سنة 1860.

         كما أسهم إنشاء الدوريات في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وفي مطلع القرن العشرين في تنشيط حركة الترجمة من اللغات الأوربية إلى اللغة العربية.

         عرفت الصحافة الوطنية التونسية بصفة عامة، والدوريات ذات الطابع الفكري والثقافي بصفة أخص تحولا واضحا في مطلع القرن العشرين تزامن مع ميلاد الحركة الوطنية الحديثة.

         يتميز الربع الأول من القرن العشرين ببروز ظاهرة المجلات ذات الموضوعات العامة، ونجد ضمنها أبوابا مخصصة للأدب، والثقافة بصفة أعم، وتكاد تتخصص مجلات أخرى في طرح القضايا الثقافية، وهي دوريات ذات رؤى متباينة أسسها أفراد، أو جماعات انتبهوا إلى أهمية العمل الثقافي في نشر الوعي، والذود عن الهوية الحضارية للشعب التونسي، وقد عانى جلها من صعوبات حالت دون استمرار صدورها بانتظام، ولذا يلاحظ الدارس لهذه الدوريات توقفها بعد صدور أعداد.

         وابتداء من الثلاثينات دخلت المجلات الثقافية مرحلة جديدة اتسمت بتعدد المنابر، وبالتجديد الفكري والأدبي، وبروز أقلام جديدة، وسنقف عند أبرزها لما تمثله من أهمية كبرى في التأريخ للثقافة التونسية الحديثة، وهي "العالم الأدبي"، و "المباحث"، و"الثريا"، و"الندوة".

         ولا بد من القول في النهاية: إنه لا يمكن البتة التأريخ لتيارات الفكر والأدب التونسيين من جهة، ولرسالة العمل الثقافي في دعم الهوية العربية الإسلامية للشعب التونسي من جهة أخرى دون دراسة الدوريات الوطنية الصادرة بين 1881 و 1956.