ملتقيات العربي

ندوة مجلة العربي ولغتها العربية نصف قرن من المعرفة والاستنارة بالاشتراك مع اليونسكو

نشر الوعي الإسلامي في المجلات الدينية

قراءة نقدية لتجربة مجلة إسلامية في الكويت
- الوعي الإسلامي نموذجاً -

د. نواف عبد العزيز الجحمة

         أعلن استقلال الكويت في يونيو عام 1961م ، وقد واكب ذلك ظهور نوع جديد من الدوريات الصحفية ، بالرغم من قلة العناصر الإعلامية في الكويت . والملاحظ أن الظروف العامة في الستينات تغيرت ، فقد قدمت الدولة من المنح ، والمعونات للصحف والدوريات ، بمجرد منحها إذن الصدور .وكانت نقطة الانطلاق لمفهوم الصحافة الإسلامية بشكلها العصري، ففي غرة محرم عام 1385هـ الموافق 15 مايو 1965م ، أصدرت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في الكويت العدد الأول من مجلة الوعي الإسلامي لتقف إلى جانب زميلاتها من المجلات الإسلامية في توعية المسلمين والدفاع عن قضاياهم بعيداً عن الخلافات المذهبية والسياسية ، هذا وقد نأت المجلة بجانبها عن الجدل العقيم وأمسكت عن مناقشة الذين لا يقفون عند منطق ولا يقتنعون ببرهان ،وقد كان لهذا الالتزام والنهج الأثر في رواج المجلة وانتشارها على سائر أقطار الوطن العربي والإسلامي.

         من الملاحظ أن جل من تولى رئاسة تحرير المجلة من سنة 1965 إلى 1990م، كانوا من الصفوة الممتازة ، من علماء جامعة الأزهر ، فقد تركوا لنا مجموعة كبيرة من المقالات الصحفية والأبحاث العلمية والفقهية التي تعالج قضايا الأمة الإسلامية ،أضف إلى الأحاديث الإذاعية والتلفزيونية ومجموعة من الفتاوى الشرعية .وهذا ما يعطينا بعض التفسير للمنطق الفكري الذي حكم نشأة المجلة وحددت وظيفتها من خلاله.

         قد حرصت رئاسة تحرير المجلة طوال عهدها على أن تكون واقعية ، فهي لا تفقد تواصلها مع العالم الإسلامي وأخباره من جهة ، وتحاول أن تتناول موضوعات ذات أهمية عامة ،خصوصاً فيما يتعلق بالقضايا الفكرية والثقافية والاجتماعية والسياسية ، وفي مواجهة التيارات المخالفة . كما حرصت المجلة على التركيز على الجوانب المشرقة في التأريخ الإسلامي ،مع عدم إغفال بعض الإخفاقات ومعالجتها وفق منظور علمي يستقي منه العبر والفوائد المتصلة بواقع الأمة اليوم. ووقفت المجلة خلال مسيرتها على إبراز الرأي الشرعي المتسق مع معطيات العصر ومستجداته بما يكفل تمسك الأمة بدينها ،وبما لا يؤدي إلى وقوعها في حرج شرعي يفضي إلي المحظور، هذا مع التركيز على أهمية مؤسسية وعلمية ، هيئة الإفتاء وتشجيع المجامع الفقهية على مواكبة المستجدات وإدراك ظروف الأمة بما يحقق - " فقه الواقع " -.

         واعتمدت المجلة على فن المقال الإسلامي سواء كان على شكل (المقال الخبري) أو (الخبر المقالي) - بمعنى أنها لا تكتفي بإيراد الخبر ،وإنما تصبغه على شكل مقالي ، موضحه أبعاده ومغزاه من خلال وجهة نظر إسلامية . ولكن لا يكاد يخلو عدد من أعدادها من أحد البحوث المتخصصة في العلوم الإسلامية . وكل ذلك يعطي انطباعا بأن المجلة ذات حس دعوى ، وليست مجلة دينية تخصصية بالمعنى الذي نتداوله اليوم ، على الرغم من أنها تعرف نفسها على الغلاف بأنها ( شهرية إسلامية ثقافية).

         دأبت المجلة على إيراد أبواب ثابتة لا يخلو منها أي من أعدادها ،والأبواب على الترتيب هي : الافتتاحية ،كلمة العدد ، بريد القراء ، أنشطة الوزارة ، البيت المسلم ، الساحة الأدبية ، الوعي الاقتصادي ، نافذة على العالم ، قطوف إسلامية ، الفتاوى ، مسك الختام.

         كما أن المجلة تضم أبوابا متغيرة ، ويتضمن في الغالب قضايا ومسائل تتعلق بـ (الفكر السياسي ،والاقتصادي ،والاجتماعي ،والفكري ،والديني) من منظور إسلامي ، مثل : تاريخ وحضارة ، أحكام ، قضايا معاصرة ، قضايا اجتماعية ،دراسات أدبية ، فنون وعمارة ، شخصيات ،دراسات قرآنية ، فقه وتشريع ، طب وعلوم.

         وهناك أبواب يمكن وصفها بأنها " ظرفية " - وهي أبواب تنقطع أحياناً لكنها حاضرة في الأذهان - مثل : مع الصحافة ، قصص ومسرحيات، موسوعات ومعاجم ، كتاب الشهر.

         لكن الملاحظ أن قضايا المرأة كانت غائبة تماماً عن اهتمام المجلة في العشرين سنة الأولى ، وبدأ الاهتمام بها يزداد منذ منتصف التسعينات وخصصت لها ملزمة (16 صفحة) تحت اسم " البيت المسلم " ،يلاحظ كذلك قلة الموضوعات التي تهتم بالاقتصاد في الفترة الأولى ، وقد بدأت المجلة في أعدادها الأخيرة تتدارك هذا الأمر . ونفس الشيء يلاحظ في القضايا المتعلقة بالإعلام.

         والمجلة تبقى أسيرة كونها مجلة حكومية خاضعة لإشراف وزارة الأوقاف ورؤيتها وهو ما يجعلها فاقدة للاستقلالية في الطرح والتوجه العام.

مجلة براعم الإيمان

         يبدو لي أن مضمون مجلات الأطفال الإسلامية من المتوقع أن يكون مصاحباً للتربية الدينية الخاضعة لأوامر الله ونواهيه ، وأن تكون بمجملها مستسلمه لشريعة الله عزوجل ، فهذه المضامين الكتابية هدفها شخصية الطفل المسلم ،ومما لا شك فيه أن مرجعية هذه المضامين قديمة قد وردت في شذرات نصية في مدونات تاريخية وسيطة فعل سبيل المثال : " رسالة أيها الولد " لأبي حامد الغزالي ، " تحفه المولود بأحكام المولود " لابن القيم الجوزيه ،" وسياسة الصبيان وتدبيرهم " للقيرواني ،وما يتعلق بكتاتيب الصبيان (مقدمة ابن خلدون).

         تصدر المجلة كهدية عن مجلة الوعي الإسلامي التي تصدر من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ، في غرة كل شهر عربي - صدر العدد الأول في رجب 1395هـ ، الموافق يونية 1975م ، بهدف الأخذ بأيدي الأطفال إلى ميادين العلم والمعرفة ، وغرس قيم الإسلام وآدابه ،ومثله العظيمة في القلوب.

ويتوصل البحث إلى توصيات تخص تطوير مجلة الوعي الإسلامي وهي كما يلي:

         - الاهتمام بالجاليات الإسلامية في الغرب الأوروبي والولايات المتحدة ، وتيسير الاتصال الفكري والثقافي معهم عبر المجلة وأبوابها .

         - العهد إلى المختصين بترجمة الدراسات التي ترد من قبل مفكرين غربيين ، أو تلك التي ترى الوزارة أهمية ترجمتها ، ثم فحص الترجمة وتوظيف الهامش للتعليق والاستدراك على ما يخالف النظر الإسلامي.

         - تنظيم ندوات دولية على فترات حول القضايا الإسلامية ودعوة المفكرين والباحثين ثم تفريغها في إصدارات خاصة تابعة للمجلة.

         - فتح مكاتب للمجلة في بعض الدول العربية ، وذلك لتعزيز قوة المادة المنشورة وتنوعها وسهولة تحديد هيئة التحرير للمواضيع المطلوب تغطيتها مع ضمان الاستمرارية.

         - من الأهمية بمكان استقلالية المجلة في صنع قراراتها ،وهذا لا يتم إلا من خلال تبعية المجلة لمجلس استشاري يتبع لمعالي الوزير أو من ينيبه.

         - تقترح أن تكون زيادة الموارد الحالية للمجلة بزيادة الدعم الحكومي لها.

         - الاتفاق على مصادر محددة للفتوى كـ (مجمع الفقه الإسلامي المنبثق من مؤتمر الدول الإسلامية ) ، والبعد عن الفتاوى الشاذة التي تخالف جمهور الفقهاء.

         - إيجاد ملحق لها بالإنجليزية يوسع دائرة التوزيع , خاصة في البلدان الإسلامية الناطقة بالإنجليزية ، ويبدو أن الأقلام القادرة على الكتابة بالإنجليزية في مجال الفكر الإسلامي ، وإن كانت قليلة إلا أنها موجودة.

         أخيراً .. هل نحتاج إلى القول أن هذا العمل مجرد بداية وتدشين يكتنفه حتماً ما يكتنف كل عمل مماثل من قصور وتقصير وأخطاء . إذن فالموضوع سيبقي مفتوحاً ..وكل خاتمة لنوع من القول فيه يجب أن تؤخذ لـ " فاتحة لقول جديد "..