ملتقيات العربي

ندوة مجلة العربي ولغتها العربية نصف قرن من المعرفة والاستنارة بالاشتراك مع اليونسكو

دراسة مساهمة مجلة الآداب بازدهار الحركة الثقافية

مجلة الآداب البيروتية
المرحلة الأولى (1953 - 1967)

سامي خشبة

         لأسباب موضوعية تتعلق بضخامة واتساع مجال الموضوع الذي كلفني بكتابته الصديق العزيز الدكتور/ سليمان العسكري لهذه الندوة الجليلة حول مجلة الآداب اللبنانية (أفضل وصفها بالبيروتية)، وتتعلق بالتعريف بالدور الذي لعبته هذه المجلة المهمة وتحليله، فإنني سوف أقصر هذه الورقة على الحديث الموجز عن ذلك الدور في المرحلة الأولى من عمر المجلة الذي يمتد بين عام صدورها في أوائل خمسينيات القرن العشرين، وبين عام النكسة (1967) الذي تغيرت فيه أشياء كثيرة ولحقت بالمواقف وبالأدوار وبالتوجهات ودوافعها وأصحابها تغيرات أكثر ذات ألوان عدة.

- 1 -

         حينما صدرت مجلة الآداب البيروتية في السنوات الأولى من خمسينيات القرن العشرين، كانت الثقافة العربية قد خطت خطوات غير قليلة نحو مرحلة جديدة من مراحل تحديثها في أبعاد رئيسية عدة، وسعيًا إلى بناء ركائز عدة للحداثة نفسها. وقد يمكننا تلخيص هذه الأبعاد في النقاط التالية، التي سوف نحاول ترتيبها تنازليًا من الأكثر عمومية إلى الأكثر تخصيصًا:

         البعد السياسي: وقد تمثل في طرح أنواع من التصور القومي للكيان السياسي العربي الذي تصورته الأيديولوجيات السياسية المختلفة باعتباره الممثل الطبيعي للوجود السياسي الفعال للأمة، والذي ينبغي أن يحتويها، لأنه ما ينبغي على الأمة أن تسعى لإنشائه - أو فرضه - بنفسها، وذلك تطويرًا أو تجاوزًا للأبعاد الوطنية (الإقليمية المحلية) للكيانات المتعددة، الموجودة بالفعل أو تلك، التي كانت على وشك أن توجد. ولقد جاء طرح تلك التصورات المختلفة لذلك الكيان السياسي الموحد (الذي يضم وطن الأمة كله أو أجزاء كبيرة منه)، حيث كانت الثقافات السياسية العربية قد تجاوزت من منطلقات متعددة بين الاستقلال الوطني (الإقليمي المحلي)، وبين إقامة أو تدعيم دولة وطنية إقليمية لكيان سياسي يضم قضمة جغرافية محدودة عن وطن الأمة الكبير. كان هذا التجاوز تعبيرًا عن طموحات ذهنية أساسًا، وعاطفية غالبًا إلى استعادة أو إقامة دولة قومية عربية شاملة.

         البعد الاجتماعي: وقد تمثل في صعود أنواع جديدة من النخب الاجتماعية واحتلالها الصفوف الأولى من عمليات الحراك الاجتماعي / الاقتصادي / السياسي / العامة. وبصرف النظر عن عمق تأثير ابتعاد أو اقتراب فصائل مختلفة من هذه النخب الجديدة من مسئوليات الحكم، وامتيازات الثروة في مجتمعاتها أو في كياناتها السياسية المحلية القائمة أو القادمة... فإن هذه النخب نفسها كانت موزعة على المستوى الثقافي والإيديولوجي على ثلاثة محاور رئيسية، وهي محاور: الموروث التقليدي ومفاهيمه التقليدية، ثم الوافد الأجنبي - المستعار أو المفروض والمتعدد التوجهات: الليبرالية سواء التقليدية أو ذات التوجه الاجتماعي، أو الجماعية سواء الاشتراكية أو القومية العنصرية (ذات الأساس العرقي أو الديني). وكان المحور الثالث، الأضعف، ولكنه بعد الحرب العالمية الثانية وبعد النكبة في فلسطين يتمتع بقوة متزايدة تجعله الأعلى صوتًا والأكثر جماهيرية بين النخب الجديدة. وكان هذا المحور الثالث هو محور (التجدد الذاتي) الذي انقسم بدوره بين اتجاه نقد الموروث وتطويره، اعتمادًا على استيعابه وعلى استيعاب ما يمكن من الوافد المستعار، وبين اتجاه إحياء الموروث في أشكال وصياغات جديدة، وبين اتجاه إدخال ثمار التجديد في إهاب تأصيلي تجديدي معًا، ولكنه إهاب يفرض إما التوجه الاجتماعي (الاشتراكي) القومي أو التوجه الليبرالي / الفردي القومي.

         وفي إطار هذا المحور الثالث المتعدد الاتجاهات، صدرت مجلة الآداب، ولكننا نحتاج قبل الوصول إلى البعد الأكثر تخصيصًا والذي ستتجلى فيه مجلة الآداب نفسها، نحتاج إلى وقفة قصيرة عند البعد الثالث

         البعد المعرفي / الثقافي: على الرغم من تعدد المحاور الاجتماعية / السياسية وتياراتها الأيديولوجية المتباينة، فإنها اتفقت جميعًا (باستثناءات نادرة) على الصعيد المعرفي في تركيز انشغالاتها الفكرية والثقافية على المجلات المعرفية الاجتماعية والإنسانية وبشكل خاص على مجالات الإنتاج الثقافي / اللغوي والفكري أو الفلسفي التأملي والتحليلي

         ويمكننا تلخيص الموقف المعرفي / الثقافي الذي صدرت مجلة الآداب في ظله أو تحت تأثير مناخه بالقول إن التاريخ، وخاصة التاريخ الثقافي بمعناه الواسع وتفاعلاته والإنتاج اللغوي/الأدبي أساسًا كانا الشاغل الرئيسي لمختلف النخب الثقافية المنتخبة والمعبرة عن مختلف محاور وتيارات النسيج الاجتماعي العربي في أوائل خمسينيات القرن العشرين، (وقد يكون التركيز عليهما امتدادًا لما ورثه جيل الخمسينيات العربي من أجيال ما تسعى بحركة التنوير أو التجديد في العقود الماضية)

         وإضافة إلى التاريخ الثقافي العربي والإنتاج اللغوي، فقد استمر أيضًا الانشغال الجزئي نسبيًا بتيارات بعينها من الثقافة الغربية ربما كان على رأسها التيار الماركسي التقليدي أو المتجدد، والتيار الوجودي - الفرنسي بوجه خاص وهما التياران اللذان انشغلت بهما الآداب في تلك المرحلة.

- 2 -

         ومن زوايا أخرى، وأكثر اقترابًا من الواقع الفعلي للخريطة السياسية / الاجتماعية / الثقافية العربية في لحظة صدور (الآداب) نستطيع أن نلمس أن هذه المجلة لبت احتياجًا علميًا لتيار (التجدد الذاتي) الثقافي / السياسي، ذلك أن مجلة (الرسالة) المصرية القديمة كانت قد لفظت أنفاسها بعد أن أدت دورها طوال ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين بتركيزها على القضايا الثقافية الرئيسية ذاتها (وذات المدلول السياسي الاجتماعي): قضايا تحديد الشعر والنقد الأدبي والاهتمام بالأنواع الأدبية، التي كانت جديدة على الثقافة العربية في حينها، وبالتالي إعادة النظر في التاريخ الثقافي للأمة ومحاولات استيعاب التجديد في الثقافة الغربية (وسوف نلاحظ أن أصحاب الآداب - د. سهيل إدريس - كان من الكتّاب الشباب في مجلة الرسالة في مرحلتها الأخيرة).

         ويبدو أن بيروت بشكل خاص بمناخها الليبرالي نسبيًا - كانت هي الموقع المناسب لظهور هذا المنبر الجديد لتلبية احتياج تيار (التجدد الذاتي) إلى مواصلة تطوره، وإلى التواصل - عبر الحدود السياسية - بجماهير النخب الاجتماعية / الثقافية، وخاصة بعد ظهور الأنظمة السياسية الجديدة في سورية ومصر - ومع الحراك السياسي الثقافي الجديد في الأردن والعراق ولبنان نفسه. إضافة - وربما أساسًا - للحراك السياسي / الثقافي الجديد بين جموع الجيل الثاني من اللاجئين الفلسطينيين االمشتتين بين المخيمات في لبنان وغزة وسورية وفي الضفة الغربية، التي كانت أصبحت جزءًا من الأردن، وإضافة إلى مؤشرات التجدد الثقافي عند جيل المتعلمين الجدد في إمارات الخليج العربي، وخاصة في الكويت.

- 3 -

         قد نتفق مع القائلين بأن انحصار اهتمام الفكر العربي الحديث - في التاريخ وفي اللغة وتوابعهما (من السياسة إلى الشعر)، إذا كان انعكاسًا لأوضاع اجتماعية / اقتصادية / سياسية فرضت على العقل العربي أن ينشغل بترويض التاريخ لإخضاعه لإرادات متباينة وبالإبداع اللغوي وليس بترويض الطبيعة أو تحرير المجتمع والإبداع.

         ولكن - وبصرف النظر - فإن تيار التجديد الذاتي قرر أن يكون قوميًا أصيلاً من جهة وتجديديًا من جهة أخرى. فهو أصيل من جهة الإيمان بأن التاريخ يعني السياسة، وبأن الشعر ديوان العرب وهو تجديدي من جهة أخرى حين رأى أن تجديد الأدب، وتحديث الشعر يعني تحديث الديوان كله بقدر ما يعني طرح قضية (التحديث) برمتها في أكثر مستوياتها جماهيرية، أي في المستوى الجامع لكل من التراث واللغة.

         وكان معنى هذا أن تقف المجلة التي نشأت في إطار محور التجدد الذاتي - مع الجديد في كل من السياسة والشعر: مع النزعة القومية، بصرف النظر عن تعدد الألوان، التي تنازعت تلك النزعة، ومع الشعر الحديث الذي لا يغالي في حداثته، أو لا يقطع بشكل نهائي مع الموروث.

*****

         ولأنه من المستحيل في هذه السطور المحدودة أن تقدم تحليلاً يستند إلى رصد تفصيلي لمسيرة مجلة الآداب طوال نصف القرن ونيف من عمرها حتى الآن، وعلى مدى المراحل المتتالية - المتضاربة وشديدة التعقيد، التي عاشتها الثقافة العربية، وانعكست تناقضاتها وتقلباتها وتعقيداتها على مجلة شديدة (المرونة) من جانب، وفائقة الحيوية من جانب آخر بالقدر الذي نعرفه عن الآداب، التي وصفت نفسها بأنها مجلة تعنى بشئون الفكر، أقول إنه بسبب هذه الاستحالة يمكننا أن نعثر على تمثيل جيد لمرحلتها الأولى، التي امتدت بين عامي 1953، 1967 من القرن الماضي من حيث التكوين الموضوعي للعادة التي حرصت المجلة على احتوائها، أو من حيث التأسيس الموضوعي أيضًا لموقف المجلة من تكوين تلك المادة، ومن التيارات، التي احتواها ذاك التكوين ورموز تلك التيارات... يمكننا أن نعثر على هذا التمثل المتكامل تقريبًا في العدد الممتاز الذي أصدرته المجلة عن (الشعر العربي الحديث) في شهر مارس من عام 1966، أي قبل عام واحد من النكسة.

*****

         بتوقيع (التحرير) وهو ما نرجح أنه إشارة إلى سهيل إدريس، وربما إلى زوجته سكرتير تحرير المجلة - السيدة / عايدة مطرجي إدريس جاء في افتتاحية ذاك العدد.

         (وكانت المجلة، ولاتزال تؤمن بأن تجربة الشعر الحر كانت جد طبيعية، إذ كانت استجابة صادقة للتطور الذي يعيشه المجتمع العربي، ومن ثم الأدب العربي، ومن طبيعة كل تجربة جديدة أن تعاني لحظات الانتظار والانهزام، وأن يدركها الزيف أحيانًا إلى جانب الأصالة، التي خلقتها، وصحيح أن الشعر الحر يواجه بعض الأزمات، ويتعرض لبعض من النكسات، وربما كان بإمكاننا أن نعتبره في ذاك شبيهًا للدفعة الثورية، التي يعيشها الوطن العربي منذ نكبة فلسطين، فهي تصاب أحيانًا ببعض الجزر بعد المد الهائل الذي عرفته، وتواجهها بعض العقبات، ولكن هذا ليس من شأنه إلا أن يزودها بمزيد من الخبرة والتجربة، ويبصرها بأخطائها ويرشدها إلى الدروب الصحيحة، وقد رأينا من المستحسن الاستماع إلى ما يوجد إليه (الشعر) من نقد ومآخذ حرصًا على الموقف الموضوعي المتجرد، وبهذه الروح كذلك دعونا إلى أن يشارك في هذا العدد كل من أسهم في هذه التجربة بصرف النظر عن لونه أو نزعته أو ما قد يكون لنا من تحفظ بشأنه).

         وآنذاك تحدد المجلة الملامح العامة لموقفها منذ نشأتها طوال تلك المرحلة بعبارات شديدة العمومية مثل (تطور) المجتمع العربي و(الدفعة الثورية)، التي يعيشها الوطن العربي، إضافة إلى الإشارة إلى (الموقف الموضوعي المتجرد) إزاء رموز تجربة التجديد، بصرف النظر عن ألوانهم أو نزعاتهم أو ما قد يكون للمجلة من تحفظات بشأنهم.

         ثم يبدأ العدد بسلسلة من الكتابات بأقلام عدد من كبار شعراء حركة الشعر الحديث (أو الحر كما تسميه الافتتاحية)، وتأتي هذه الكتابات تحت عنوان (تجربتي الشعرية)، وقال التحرير مرة أخرى إنه ينشر تلك الكتابات حسب ترتيب أسماء الشعراء طبقًا للمتتابعة الأبجدية، ولهذا كان صاحب التجربة الشعرية الأولى هو أدونيس، الذي كان بالصدفة قد تحول قبيل سنوات قليلة إلى تبني رؤية عروبية خاصة به بدلاً من رؤيته الأصلية الأولى، التي عبرت عن إيديولوجية الحزب القومي السوري، وتشاء الصدفة الأبجدية أيضًا أن يكون صاحب التجربة الشعرية التالية هو عبدالوهاب البياتي، والذي كان بالصدفة بدوره، قد تحول إلى تبني رؤية عروبية خاصة به أيضًا، بديلاً لرؤيته الأصلية الأولى، التي عبرت عن تيار أقصى اليسار في العالم العربي. أما صاحب التجربة الشعرية الثالثة، فكان أحمد عبدالمعطي حجازي الذي كان قد ولد كشاعر في حضن الحركة الوجدانية (الرومانتيكية المتجردة) المصرية قبل تحوله المبكر إلى تبني الرؤية القومية السائدة، بصرف النظر عما تأثر به من أيديولوجيات عروبية متباينة عبرت عنها جبهة التحرير الجزائرية أو حركة القوميين العرب أو حزب البعث السوري أو التيار الناصري القومي / الاجتماعي. وكان صاحب التجربة الرابعة هو صلاح عبدالصبور صاحب النزعة الوجدانية والفردية سويًا، والذي تتنازعه دوافع متعارضة بين الفعل والتأمل، والسائر على أشواك الحدود الفاصلة بين اليسار المصري والليبرالية المثالية والنزوع القومي الناصري، وكان صاحب التجربة الخامسة هو محمد الفيتوري، الذي نشأ كشاعر سوداني في أحضان التيار الوجداني المثمر المتأثر بنظائره في مصر ولبنان وسورية قبل أن يتحول إلى تبني رؤية مستقبلية تتمسك بالجمع بين انتماءين عربي وإفريقي.

         (ونعتقد أن من بينهم كان نزار قباني وسعدي يوسف وعلي الجندي ومعين بسيسو من بين آخرين). وينبهنا التحرير إلى أن خليل حاوي - أحد كبار الشعراء المجددين في بلاد الشام قد وعد بأن يكتب تجربته الشعرية في عدد قادم

*****

         ويلفت النظر أن أول دراسة نقدية في العدد كانت للدكتور محمد النويهي الأستاذ بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، وصاحب الموقف المعارض بهدوء للشعر الحر والداعي إلى إعادة النظر في الشعر العربي الموروث، وإعادة اكتشاف مميزاته وقدراته بغية تجديد وجوده وليس تجاوزه أو التنكر له.

         ولكن الدراسات الأربعة التالية كانت بأقلام مدافعين أصلاً عن الشعر الحديث، وعن التجديد الثقافي/الاجتماعي / السياسي العربي بشكل عام، وهو ما غلب على دراساتهم في العدد، والتي كان من المفترض أن تتركز على الشعر وحده، مطاع صفدي الذي كتب عن الشعر الحضاري، وعز الدين إسماعيل الذي كتب عن الشعر الحديث والتراث، وشوقي خميس الذي كتب عن التيار الثوري في الشعر الحديث، وإحسان عباس الذي كتب دراسة عن التجديد عند البياتي.

         وبعد فاصلة معارضة للتجديد يكتبها رئيف خوري داعيًا أصحاب الشعر الحديث إلى بعض الأصالة، تعود المادة المنشورة إلى ما جعلها اختيار التحرير تبدو أنها الأغلبية المدافعة عن التجديد الشعري / الثقافي العام: شكري عياد وعلي الزبيدي وجبرا إبراهيم جبرا وسامي خشبة وإبراهيم أبو ناب ومحيي الدين إسماعيل، وعبدالجبار عباس وناجي علوش وسامي مهدي وفاضل تامر وغيرهم الذين ينتمون إلى مختلف ألوان الطيف الأيديولوجي واتجاهات الذائقة الفنية / الشعرية. وقد يلفت النظر أن صبري حافظ يكتب في هذا الوقت المبكر عن قصيدة النثر، مؤكدًا أنها: (لا شعر ولا نثر).... ولعله قد غير موقفه الآن!.

*****

         أما القصائد الشعرية، فكانت على القدر نفسه من التنوع على مستوى الأجيال والرؤى والأذواق من أدونيس ومحمد عفيفي مطر، إلى فدوى طوقان وبلند الحيدري وكامل أيوب، ومن أحمد عبدالمعطي حجازي ومحمد الفيتوري ومعين بسيسو وعبدالوهاب البياتي حتى عز الدين المناصرة وعبدالستار الدليمي ومحمد سعيد الصكار، ونصار عبدالله وجورج غانم ومحمد إبراهيم أبو سنة.

         أما على مستوى التنوع الذوقي والفكري، فقد ضمت القصائد شعراء متحولين من البنية الشعرية التقليدية في صورها الموروثة أو التجديدية، وقصائد لشعراء حداثيين أصحاب نزعات وأذواق متباينة، ويلفت النظر أن عددًا منهم مثل محمد إبراهيم أبو سنة أو عز الدين المناصرة أو محمد عفيفي مطر وغيرهم قد تمكنوا من أن يحتلوا أماكن متراوحة بين أجيال تالية لهم منذ ذلك الحين. وبالقدر نفسه من التنوع المشوب ببعض المراوحة بين التيارات المتعارضة، فقد انشغلت الآداب في تلك المرحلة ذاتها بظواهر متنوعة سواء في حقول الإنتاج الفكري والنقدي أو الإنتاج الإبداعي، وخاصة في مجال القصة والرواية.