ملتقيات العربي
ندوة مجلة العربي ولغتها العربية نصف قرن من المعرفة والاستنارة بالاشتراك مع اليونسكو
المجلات الثقافية ودورها في الاصلاح والثقافي
مجلتا "الكويت"
و"البعثة"
ودورهما الريادي في الإصلاح الثقافي والاجتماعي
د. أحمد الديين
لعبت المجلات الثقافية الأولى دوراً ريادياً بارزاً في انطلاقة الإصلاح الثقافي والاجتماعي في مجتمعاتنا العربية، وبينها مجتمعنا الكويتي، ولعلّ اختيار مجلتي "الكويت" و"البعثة" كنموذجين للمجلات الثقافية الأولى في الكويت ودورها في الإصلاح الثقافي والاجتماعي، يعود إلى أنّ هاتين المجلتين الرائدتين تمثلان مرحلتين متميزتين لبدايات انطلاقة الصحافة الكويتية، وفي الوقت نفسه تعبّر موادهما المنشورة عما شهده المجتمع الكويتي في هاتين المرحلتين من تحوّلات، وهما: مرحلة نهاية عشرينيات القرن العشرين ومشارف ثلاثينياته، والمرحلة الأخرى هي النصف الثاني من أربعينات القرن العشرين والنصف الأول منه، فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وما شهدته من تطورات عالمية عاصفة، وكذلك بدايات تحوّل الكويت إلى بلد مصدّر للنفط، وما أحدثه فيها من آثار وتبدلات اقتصادية واجتماعية وثقافية كبيرة.
حيث صدر العدد الأول من مجلة "الكويت"، وهي أول مجلة كويتية، في رمضان من العام الهجري 1346 الموافق لفبراير ومارس من العام الميلادي 1928، وكان ناشرها ومحررها الشيخ عبدالعزيز الرشيد، الذي كان يتولى تجهيز مادتها للنشر، ثم يرسلها إلى الخارج لطباعتها، بسبب عدم وجود مطبعة في الكويت، وكانت هوية مجلة "الكويت" وتعريفها أنّها مجلة دينية، تاريخية، أدبية، أخلاقية، ثم انتقل مقر المجلة إلى البحرين، بعد اضطرار الشيخ عبدالعزيز الرشيد إلى الهجرة من الكويت، واستمرت في الصدور حتى العام 1930
أما مجلة "البعثة" فهي ثاني المجلات الكويتية، وإن كانت قد سبقتها مجلة "الطالب"، التي أصدرها بعض مدرسي المدرسة المباركية وطلابها، ولكنها لم تواصل صدورها بعد العدد الثاني، وقد صدرت "البعثة" كمجلة ثقافية شهرية عن "بيت الكويت" في مصر، الذي يضم المبعوثين إلى الدراسة فيها، واستمرت في الصدور بين شهر ديسمبر من العام 1946 حتى شهر أغسطس من العام 1954، وتولى رئاسة تحريرها الأستاذ عبدالعزيز حسين، وبعده الأستاذ عبداللّه زكريا الاأنصاري، وشارك في تحريرها الطلبة المبعوثون إلى مصر، وبعض الكتّاب الكويتيين والعرب.
مثلما حظيت قضايا الإصلاح الثقافي في الكويت باهتمام مجلتي "الكويت" و"البعثة" فقد حظيت قضايا الإصلاح الاجتماعي وتطوير مؤسسات المجتمع ومرافقه وخدماته الاجتماعية العامة باهتمامهما.
وقدم البحث نماذج من كتابات رائدة من المجلتين في فترات مبكرة نسبياً من تاريخ الكويت تب مدى اسهامها في انطلاقة حركة الإصلاح الثقافي والاجتماعي، وكذلك الإصلاح الاقتصادي والسياسي، تبيّن لنا مساهمة المجلات الثقافية الأولى في قيادة حركة نهوض المجتمع، وارتباط النخبة المثقفة بهموم وطنها ومشكلاته، وعدم انعزالها عن واقع الحياة