ملتقيات العربي

ندوة الغرب في عيون عربية

كلمة معالي وزير الإعلام

الجلسة الافتتاحية
كلمة معالي وزير الإعلام
بسم الله الرحمن الرحيم

ضيوفنا الأعزاء،
الأخوات والإخوة

          يسعدني أن أرحبَ بكم في بلدكم الثاني الكويت، بلدِ كل العرب الذين يؤمنونَ بالحريةِ والكرامةِ والتضامنِ، ويعشقون المعرفة ويسعون وراء مباهجِ الثقافة. أرحب بكم نيابة عن معالي الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، الذي تكرّم وشمل هذه الندوة الفكرية المهمة برعايته، والتي نرجو من خلال حضوركم، ومن خلال التفاعل الفكري الخلاّق بينكم أن يُكتبَ لها النجاحُ الذي نتطلعُ إليه.

          خاصة أن هذه الندوة التي تقيمها مجلة العربي تأتي في إطار الفعاليات التي تشاركُ بها وزارةُ الإعلامِ في النشاطاتِ الثقافيةِ للكويت كعاصمة للثقافةِ العربية عام 2001.

          وهي مــــــناســــبةٌ يهمنـــي أن أؤكـــد من خلالِها أن وجهَ الكويتِ العــــربي لم يغــب أبداً عن ميدان الثقافةِ العربية حتى في أحلك الأيام التي مرت بها في عام 0991م حيـــــنما امتدت يد عربية لتغدرَ بها وبشعبها. كما أن دورها الفاعلَ والمؤثرَ لم يغـب يوماً عن مجملِ القضـــــايا العربيــــــــة.

          ويبدو هذا الموقفُ في أجلى صوره في العمل السياسي الدؤوب الذي قامت به الكويتُ في مؤتمر القمة الأخير الذي عقد في عمّان. فبعد عشر سنوات من كارثة الغزو بادرت الكويت وشقيقاتها من دول مجلس التعاون الخليجي باقتراح أن تطلب القمةُ العربيةُ من مجلسِ الأمن رفعَ الحصار عن العراق الذي نرى أنه يصيب الناس أكثر مما يصيب النظام. وقد فعلت الكويت ذلك متعالية على كل الجراح التي أصابتها من شرور هذا النظام، الذي لم تسلم منه بقية دول مجلس التعاون الخليجي بل إنها طالت الأمة العربية بأسرها. وقد فوجئت الكويت، كما فوجئت بقية الوفود العربية في المؤتمر بإصرار العراق على رفض هذا الطلب وتقدمه بدلاً من ذلك بطلبات تعجيزية لا تهدف إلا لإبقاء الحصار وزيادة حال الفرقة والانقسام في الصف العربي، التي كان النظام العراقي المتسبب الأول فيها. وقد أثبت هذا النظام مجدداً بموقفه هذا أن حرصه على التمسك بأفكاره العدوانية أكثر من حرصه على رفع المعاناة عن شعبه وأطفاله. بل أثبت أنه استمرأ هذا الحصار ووجد فيه سبباً لمواصلة تسلطه واضطهاده لإخوتنا من أبناء الشعب العراقي الشقيق. كذلك كشفت هذه المواقف زيف القناع الذي كان العراق يتخذه ذريعة للتباكي من خلفه فإذا به هو المستفيد الأول من هذا الحصار.

          ولعلي انتهز هذه الفرصة الطيبة المتمثلة في وجودكم بيننا كمفكرين وإعلاميين ومتخصصين لأؤكد تلك المجموعة من الثوابت التي نؤمن بها ونسعى لتطبيقها في توجهنا الإعلامي لأمتنا العربية وللعالم أجمع. فنحن نؤمن أولاً بالإعلام الذي يقوم على المعلومة الصادقة والدقيقة وليس العبارات الإنشائية الرنّانة، فتراكم المعلومات ووفرتها وسهولة الوصول إليها لم تعد تترك مجالاً للأكاذيب والشعارات المضللة. كما أن الشفافية هي خيرُ وسيلةٍ للإقناع، خاصة إذا كنا ندافع عن قضيتنا العادلة وحقنا في الوجود كدولة مستقلة ضمن حدودها الآمنة ونظامها السياسي الذي اختاره شعبها.

          ونؤمن ثانياً بانتماء خطابنا الإعلامي إلى محيطه العربي، فلم يعد الإعلام ترفاً وكلماتٍ في الهواء بقدر ما أصبح سلاحاً مهماً ومؤثراً في عملية التنميةِ الاقتصادية والاجتماعيةِ الشاملة التي يعيشها عالمنا العربي. لذلك عليه أن يقف ضد كل أسباب التخلف والقهر الإنساني ويعُلي من قيم الاستنارةِ والمعرفة، وأن يؤكد هويتنا المستمدة من روح العقيدةِ الإسلاميةِ الغرّاء وتراثها الخصب، ومن القيم العربية الأصيلة. وأن يعمل على حشد الصف العربي في مواجهة التشرذمِ والفرقة، خاصة في هذا الوقت العصــــــيب الذي يتعرض فيه إخواننا في فلســــطين للإبادة والسحق على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي الغاشمة. وعلى أجــــهزة الإعلام أيضــــاً أن تنتصرَ لحق الإنسان العربي في كل مكان، وتكون صوتاً له لا عليه، وأن تزيح القيود التي تكبّله، لا أن تبررها.

          ونؤمن ثالثاً بضرورة الانفتاح على كل التقنيات الجديدة في وسائل الاتصال وفي ظلِ ثورةِ المعلومات. فهذا القرن الجديد يحملُ إلينا الكثيرَ من المعارف التي يجب أن نأخذ بها وأن نسعى لاستيعابها والتكلمِ بلغتها، وإلا فقدنا موقعنا في مدار هذا الزمن. فالتحديات الإعلامية أصبحت كثيرةً، ولم يعد من المنطقي أو من الممكن فرض الحصار أو مراقبة موجات الفضاء ولا أجهزة الكمبيوتر التي تغوص وسط شباك العنكبوت. لذا فلم يعد الحصارُ حلاً، ولا المراقبةُ ممكنةً، ولم يعد أمامنا إلا المواجهة والتحدي بما نملك من قيمٍ ومبادئ، وبما نكتسب من قدرةٍ ومعرفة، وإمكانية التطور واللحاق بشعوب العالم المعاصر.

          وهذا التحدي يتطلب منا تطوّراً مستمراً لا على مستوى الأجهزةِ وحدها، بل على مستوى البشرِ أولاً. فأفكار البشر وعقولهم هي أجدى أسلحة التصدي، والتكنولوجيا ليست آلةً صمّاء وإنما هي فكرةٌ متجددة.

          يسعدني في هذا المجال أن أعلن أننا بصدد بدء إطلاق مجلة العربي وجميع إصداراتها عبر شبكة الإنترنت ودخولها مجال النشر الإلكتروني كواحدة من أعرق المجلات الثقافية التي عرفها عالمنا العربي. وهي انطلاقة جديدة قد لا تقل اهمية عن انطلاقة العربي الأولى في عام 8591، لأنها تصلُ بالعربي إلى خطوةٍ أبعد تحملها إلى كل مكان في العالم وتجعلها متاحةً لكل القراء والباحثين في مختلف المواقع الثقافية عبر كل القارات. وتلك مساهمةٌ أخرى تقدمها دولة الكويت في مجال توسيع آفاق الثقافة العربية، لعلنا بذلك ندعم من صمودها ونزيد من حيوية وجودها في وجه رياح العولمة العاصفة.

          وهي مساهمة تصدر في ظل توجيهات حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح وسمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح حفظهما الله. في القيام بكل ما من شأنه إعلاء قدرِ امتنا العربية وثقافتنا العربية والإسلاميةِ في عالمنا المعاصر، وتيسير الحصول عليها لكل من يسعى إليها من أبناءِ أمتنا العربية.

          أهلاً بكم مرة أخرى في بلدكم (الكويت) وشكراً لكل جهد وكل وقت بذلتموه من أجل إقامة هذه الندوة،وتمنياتي بأن تحفل أبحاثها ومناقشاتها بالأفكار الخلاقةِ التي تخدمُ ثقافتنا العربية وتعطيها نبض العصر الذي نطمحُ جميعاً إلى اللحاق به.

          وأخيراً تمنياتي لكم بطيب الإقامة بين أهليكم ومحبيكم في الكويت ... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.