ملتقيات العربي

ندوة الثقافة العلمية واستشراف المستقبل العربي

كلمة المكرمين تلقيها الدكتورة سعاد الصباح

كلمة المكرمين تلقيها الدكتورة سعاد الصباح

رحلاتي إلى المغرب العربي كانت مزيجًا رائعًا من طيب الإنسان وطيب الثقافة
د. سعاد محمد الصباح
ثم ألقت د. سعاد الصباح كلمة نيابة عن المكرمين قالت فيها:

         (في البدء: ذهب المشرق إلى المغرب حاملاً سيف الفتح الإسلامي, ولغة الإسلام وكتابه. وشأن كل الفتوحات, يصمت السيف ويبقى الكتاب, فكيف إذا كان قرآنًا كريمًا باللغة التي صارت في وقتها, لغة العالم الجديد الذي راح المسلمون يبنونه, بهدي من كتابهم وبحماسة لتشكيل معالم الحضارة الحديثة).

         (ذهب المشرقيون إلى المغرب الذي صار بحضورهم عربيا, واعتنق رسالة النبي العربي عليه السلام, مبشرا الدنيا بالميلاد الجديد لعالم جديد, جذوره في دينه, وأحلامه في بناء نهضة غيرت وجه العالم كله. لقد تحوّل الوجود العربي في المغرب إلى قاعدة حضارية زهت على أوربا وراحت تغذّي ثقافتها, كما تنهل منها في تزاوج ثقافي, يصح أن يكون نبراسًا اليوم, كما بالأمس).

         (وكان من الطبيعي أن يعيد المغرب العربي إلى مشرقه صورة عطائه الذي ارتكز إلى الإسلام دينًا وفهمًا ونهجًا, وأن تقوم بين المغرب والمشرق, علاقة الحياة الغنية التي أثمرت ما نعرفه من علوم وآداب وفنون, بعضها الموسيقي والشعر الذي نعمنا به وتمتعنا بعطره عقودا من الزمن ولاتزال).

         ولهذا المغرب العربي, ثقافة اختمرت في الذاكرة حتى كانت رحلاتي إليه, مزيجا رائعا من طيب الإنسان وطيب الثقافة).

         (ولعل أجمل ما حفظت من إنسانه لقاؤنا, زوجي الشيخ عبدالله مبارك الصباح وأنا, بجلالة الراحل الكبير الملك الحسن الثاني, يومها تعرفت إلى وجه المغرب البهيّ: رصانة وحكمة ونقاء, وأحسب أن حوارنا يومها قد زرع في القلب اسم المغرب العربي الكبير, الذي ظلّ مقيمًا يدعوني إلى لقائه, في رحلات تعددت على مدى الأربعين عامًا الماضية. لقد ذهبت إلى المملكة المغربية وتونس, وعدت أحمل منها أزكى العطر وأجمل الذكريات)

         وإنني إذ أقف اليوم على منبر (العربي) مرحّبة بكم جميعًا, وشاكرة لـ(العربي) والصديق الدكتور سليمان العسكري دعوته وتكريمه, إنما أسجّل مرة أخرى حباً في القلب لمغرب الشمس, الذي لولاه لما أشرقت علينا من جديد بنعمة الحياة.

         وفي ختام كلمتها قالت د. سعاد الصباح: (باسم المكرّمين يسعدني أن أزجي عميق الامتنان لمجلة (العربي) ولرئيس تحريرها, على هذه المبادرة الهادفة إلى التعريف والتعارف, وتوثيق العلائق الإنسانية والثقافية بين مشرق دنيانا العربية ومغربها.

         (لقد دأبت على محاولة بناء جسر بين جناحي هذا النسر العربي العملاق, كما فعل وأجاد كثيرون في طليعتهم المكرّمون الأفاضل, مؤسسات وأفرادًا, وإنني باسمهم جميعًا أقف محيية كل محاولة جادة لضم الكتفين العربيين, فتكون الشمس ملعبنا وكل الدنيا سماء مفتوحة أمام علمنا وثقافتنا العالية).