ملتقيات العربي

ندوة المجلات الثقافية ودورها في الإصلاح الثقافي

تجربة البحث العلمي في الكويت

إدارة المعرفة في مراكز البحث العلمي
تحديات وحلول واقعية

أ. فريال عثمان الفريح

         أصبح الإقرار بدور مؤسسات البحث العلمي في توليد وبناء المعارف ونقلها وتوطينها وتطويرها حقيقة واضحة، غير أن تطوير هذا الدور ليشمل إدارة المعرفة، يُعد توجها حديثا وضروريا يجب إضافته إلى المهام السابقة، بغرض تحقيق التطور الشامل في المجتمع.

         وإدارة المعرفة العلمية هي عملية مركبة، وطريق للعقل القادر على الإبداع والابتكار والتجديد، فهي ليست جملة من قواعد البيانات الشاملة، أو من الحقائق العلمية المتوصل إليها فحسب، بل هي طريق وأداة مساعدة على استخدام وتوظيف تلك الحقائق والمفاهيم التوظيف الأمثل والخلاق القادر على تحقيق الأهداف الموضوعة في أفق من التطور لا حدود له.

         ويمتد مفهوم إدارة المعرفة إلى المجتمع ليشمل سبل تهيئة البيئات الاجتماعية وبيئات التنشئة الثقافية والبيئات العلمية في إطار عملية ديناميكية مترابطة تسهم في دعم مؤسسات البحث العلمي وتوثق علاقاتها بمؤسسات المجتمع، وتؤدي إلى قيادة هذه المؤسسات في وحدة واحدة للتغلب على الظواهر السلبية وخاصة ظاهرتي نقص المعرفة والحد من الفجوات العلمية والمعلوماتية والتكنولوجية بين مجتمعنا العربي والدول المتقدمة.

الإطار العام للدراسة

         تتضمن الدراسة ثلاثة محاور رئيسية هي:

المحور الأول : التحديات القائمة.

         تتيح التطورات العلمية والمعلوماتية المتسارعة فرصا غير مسبوقة أمام المجتمعات العربية للتقدم واللحاق بالعصر، لكنها في الوقت ذاته تطرح تحديات نوعية تتطلب المواجهة والبحث عن حلول للتغلب عليها، ومن أهم هذه التحديات:

         1 - 1 - التحديات الاجتماعية: وأهمها:

         أ. انتشار الأمية:

         ب. البيئة الاجتماعية الموروثة.

         ج. نوعية التعليم: التي تجسد فلسفة الحفظ والتلقين وتؤكد الطبيعة الاستاتيكية للعلم.

         1 - 2 - التحديات العلمية والتكنولوجية: وتتمثل في الخلل القائم في نظم وسياسات العلوم والتكنولوجيا وغياب الاستراتيجيات الوطنية التي تعمل على تعزيز دور العلم والتكنولوجيا في مجال التنمية.

         1 - 3 - التحديات المعلوماتية.

         أ. تفاقم الفجوة الرقمية المعلوماتية.

         ب. تدني مستوى البنية التحتية للاتصالات.

         ج. الأمية المعلوماتية.

المحور الثاني: إدارة المعرفة في معهد الكويت للأبحاث العلمية.

         انطلاقا من هدفنا الرئيسي المتمثل في العمل على تقليص الفجوة المعرفية بين مجتمعنا العربي والمجتمعات المتقدمة، كانت مبادرة إدارة المعرفة في معهد الكويت للأبحاث العلمية، وهو مشروع مستقل يستهدف تجسيد المفاهيم النظرية وتطبيق الرؤى العلمية في الواقع، بغرض تعظيم الاستفادة من المعارف العلمية المتوفرة في المعهد وإتاحتها لجمهور المستفيدين على المستويات كافة المحلية والإقليمية والعالمية.

         وقد انتهى المعهد من المرحلة الأولى حيث تم عمل دراسة حول المحتوى وتصنيف المعلومات، وكذلك البنية التكنولوجية في المعهد والوضع الحالي من حيث الإجراءات والدورة المستندية، كما تضمنت هذه المرحلة تطبيق نموذج متطور يمكن من تشجيع المشاركة في نقل الخبرات والمعارف.

         ويعمل المعهد حاليا على أربعة محاور تصب جميعها في تطوير مشروع نموذجي يطبق مفهوم إدارة المعرفة ويجسدها في الواقع، ويوفر بنية معلوماتية محدثة على مستوى المؤسسة مع أدوات لتبادل المعرفة. كما يركز على إدارة المحتوى بما يتضمنه من عمليات تجميع وانتقاء وترميز وتكامل وتحديث وحماية للمعلومات المتوفرة في الوثائق والنماذج الإلكترونية والتي تساعد على تقديم خدمات المعلومات وإتاحتها لإدارات المعهد المختلفة وللجهات المستفيدة، ويواصل المعهد اهتمامه بتشجيع العاملين على تبني مفهوم إدارة المعرفة وتطبيقه من خلال التوعية وورش العمل والرسائل الإلكترونية.

المحور الثالث: الآفاق المستقبلية لإدارة المعرفة.

         لعلاج نقص المعرفة في مجتمعاتنا العربية، على مؤسسات البحث العلمي أن تتولى إدارة وتنظيم مهام الدورة المعرفية الكاملة، ابتداء من دورها الرئيسي في نقل وتوطين وتوليد معارف علمية، مرورا باستيعابها وتوظيفها واستخدامها الاستخدام الأمثل ثم استغلالها لتوليد معارف جديدة غير مسبوقة أو معرفة بديلة تحل محل معرفة متقادمة وصولاً إلى المشاركة في التخطيط لاكتسابها ونشرها وإتاحتها للمستفيدين على المستويات كافة المحلية والإقليمية والعربية.

         وفي رأينا أنه يمكن رصد هذه الأدوار وفقاً للمخططات التالية:

         (الاهتمام بتكنولوجيا المعلومات - تطوير المؤسسات التعليمية - إيلاء مخططات التنمية الإنسانية أولوية - إيلاء اهتمام خاص من قبل المتخصصين والمهتمين ومجامع اللغة، للنهوض باللغة العربية ومعالجة مشاكل المصطلحات - توفير برامج علمية مدروسة جيدا، تسهم في تغيير أسلوب التفكير في المجتمع - الاهتمام بالمؤسسات الإعلامية العربية وتوجيهها للاستفادة من الثورة الهائلة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتكوين مراكز معلومات قادرة).