ملتقيات العربي

ندوة المجلات الثقافية ودورها في الإصلاح الثقافي

نشر الثقافة العلمية في العالم العربي

نشر الثقافة العلمية
تجربة الدار العربية للعلوم
أ. بشار صلاح الدين شبارو

         من المؤسف أن عولمة الثقافة تتجه من الغرب إلى الشرق فقط، ناشرة ثقافات متعددة يشوبها الكثير من السلبيات البعيدة عن قيم مجتمعاتنا الإسلامية والعربية، حيث يجب علينا أن نتجاهل النواحي السلبية منها ونتبنّى الثقافة العلمية التي برع فيها الغرب ومكّنته عبرها من السيطرة على مقدّرات العالم الاقتصادية والمالية والعسكرية.

         ولقد أظهرت تقارير البنك الدولي ومؤسسات الأمم المتحدة أن الاقتصادات العالمية المتقدمة تمر في مرحلة انتقالية تتحوّل فيها إلى مجتمعات مبنية على استثمار التطبيقات العلمية والطاقات البشرية التقنية لخدمة تطورها الاقتصادي. هذا التحوّل سيُمعن في توسيع الهوّة بين العالم المتقدم والعوالم والأخرى، بحيث يصبح العالم الغربي المتقدم منتجاً ومستهلكاً ومزوّداً للإنجازات العلمية مما يدفعه قُدماً إلى الأمام، بينما ستقف الدول الأخرى المتأخرة عن استيعاب هذه التحولات، مكتوفة الأيدي متفرجة وهي تسقط في هوّة العجز والتقهقر الحضاري، ما لم تسارع وتُعيد النظر في أولوياتها واستراتيجياتها.

         كيف يجب أن يتم نشر الثقافة العلمية في العالم العربي؟

         هناك عدة أقنية يجب أن يتم نشر الثقافة العلمية في العالم العربي عبرها، ولكن هذه الأقنية تواجه مشاكل عدة تحدُّ من أدائها وفعاليتها بالرغم من أنها قابلة للتجاوز والحلّ:

  1. الكتب العلمية: وتقتضي العمل على عدة محاور
    (أ) الإرشاد التربوي (ب) دعم الكتاب العلمي (ج) تعميم المكتبات العامة

  2. المجلات العلمية

  3. التلفزيون

  4. الإنترنت

  5. دور وزارات التعليم والثقافة: ويتلخص في:
    (أ) العمل على نشر الوعي العلمي عبر حملات إعلامية منظمة
    (ب) حثّ وتحفيز الطلاب الثانويين على اختيار المسار العلمي الجامعي
    (ج) تشجيع الكتّاب والمؤلفين العرب على تأليف كتب علمية للأولاد والناشئة

         1 - أشار الإعلان العالمي الذي أطلقته منظمة اليونسكو بشأن التعددية الثقافية إلى: أن التنوّع الثقافي يعادل في أهميته بالنسبة للبشرية التنوّع البيولوجي بالنسبة للطبيعة. والواقع أن ضمان التعدد الثقافي رهن بتفعيل دور الترجمة في تحريك هذا التواصل. والمنظمة باختيارها حماية وتكريس التعدّد اللغوي والتنوّع الثقافي شعاراً إنما تهدف إلى تأكيد أهمية الانفتاح على الآخر وعلى مختلف أشكال التبادل بين بني البشر، كما تهدف إلى التوجيه لأهمية الترجمة في صيانة الهويات اللغوية والثقافية في العالم والحيلولة دون طمس الخصوصيات الثقافية واستلاب الهوية.

         الإيجابيات التي تحقّقت جراء تجربة الدار العربية للعلوم في ترجمة كتب الكمبيوتر الأجنبية إلى اللغة العربية

  1. وضع الأجيال العربية الجديدة على طريق المعلومات السريع:

  2. المساعدة على محو الأمية الرقمية العربية:

  3. تطوير قدرات مستخدمي الكمبيوتر الحاليين:

  4. تعزيز المعرفة الرقمية العربية:

  5. إصدار أدلّة تعليمية خاصة:

  6. تعريب كتب موثوقة

  7. المساهمة في عولمة الثقافة العلمية

  8. المساهمة في إثراء اللغة العربية بالمزيد من المرادفات والاشتقاقات

وفي الخاتمة

         فإن أي حضارة، مهما كانت عظيمة، ولكنها تصرّ على التمسك بأمجادها التليدة، رافضة أي تحولات أو تغييرات فيها، تبقى خشبية متحجرة ليلفظها الارتقاء الحضاري ويتركها على قارعة طريق المعلومات السريع، شاخصة لا ترى، منصتة لا تسمع، لتدوسها عجلة التاريخ وتجعلها أثراً بعد عين.

         لذلك، على الإنسان العربي أن يرفض البقاء مجتمعاً استهلاكياً وحسب، تهتم الدول المتقدمة بترجمة واجهات هواتفه الخلوية ودلائل تشغيل تلفزيوناته إلى العربية، بل يجب أن يسعى ليصبح مجتمعاً إنتاجياً انطلاقاً من تقصّي حاجات اقتصاداته وذلك عبر تعزيز الإنتاجية الزراعية، وتطوير العناية الصحية، واستغلال الموارد الطبيعية، ونشر الشمولية الثقافية، وتفعيل الفرص الاقتصادية، ولن يتم لنا هذا إلا عبر الارتقاء الثقافي العلمي الفاعل على جميع المستويات الإنسانية والإدارية.