دور مكتبة الإسكندرية في نشر الثقافة العلمية
د. خالد عزب

         تمثل مكتبة الإسكندرية مؤسسة عصرية غير تقليدية، فهي ليست وعاءً لحفظ الكتب، بل أداة لصناعة الفكر والثقافة، لذا فدورها هنا ليس ذلك الدور البسيط الذي اعتاد عليه جمهور المكتبات، بل يتعدى ذلك إلى أدوار متعددة مركبة، تمثل الفارق الشاسع بين النظرة للمكتبات في القرن التاسع عشر والنظرة للمكتبات ودورها في القرن الحادي والعشرين.

         هل نستطيع أن نوجز ذلك من خلال عدة ورقات إنه أمر صعب لكن صناعة الثقافة العلمية هي المحور الذي ننطلق منه إلى استعراض دور المكتبة.

البداية من الطفل

         يمثل غرس روح العلم والتشوق إلى العلوم والجموح لتكوين عالم المستقبل، هدفًا أساسيًا للمكتبة، لذا سنجد الطفل منذ زيارته للمكتبة محاصراً بزخم من المعرفة بطرق مشوقة تخطف الأبصار والألباب، فنحن في المكتبة نضع الطفل نصب أعيننا من خلال جولات إرشادية منظمة تنقل الطفل من عالم الإبهار ببناية المكتبة والتقنيات العلمية المستخدمة في تشييدها إلى حرية مشاهدة قاعة القراءة الرئيسية وقد تناثرت فيها الكتب وشاشات الحواسب الآلية.

         وتتعدد الأنشطة التي تقدمها المكتبة سواء للصغار أو الكبار بهدف نشر الثقافة العلمية بينهم ومنها:

         - أنشطة مكتبتي الطفل والنشء التي تعد للنشء بشكل مستمر والتي تؤمن بها المكتبة كمبادرة منها للمضي قدماً على طريق تنمية القدرات العقلية للطفل والنشء ومساعدتهم على اكتشاف مهاراتهم من أجل خلق جيل جديد مثقف وواع بقدراته التي ستساعده على مواجهة التحديات المستقبلية، وتشمل برامج ثقافية ترفيهية طوال العام كما تتفنن في تركيز تلك البرامج خلال فترتي الإجازة الصيفية وإجازة نصف العام الدراسي. وتتضمن أنشطة المكتبة ندوات ومحاضرات متنوعة تهدف إلى توسيع مدارك الأطفال والنشء في مختلف مجالات الحياة.

         - مركز القبة السماوية العلمي: هو أحد أهم المراكز التي تفخر بها مكتبة الإسكندرية فهو يحوي قبة سماوية لعرض أحدث الأفلام العلمية في مجال الفضاء والجيولوجيا وحتى التي تتعرض بشكل مفصل لعمل جسم الإنسان من خلال أفلام علمية مبسطة شائقة تلفت أنظار الكبار والصغار.

         خرجت المكتبة في الفترة الماضية بمشروعين من أهم المشروعات الرقمية والذي يعتبر نقلة في مجال تعليم الأطفال وهما مشروع: كتابي الالكتروني، والمطبوع، ومشروع: طاقة في الجدار. فبالنسبة لمشروع.كتابي: الإلكتروني والمطبوع فهو مشروع متميز يحاول أن يقرب القراءة ويحببها إلى نفوس الأطفال من خلال فكرة مبتكرة تمكن الأطفال من مشاهدة كتاب إلكتروني من آلاف الكتب التي وفرتها المكتبة على موقعها الإلكتروني.

         ولا يمكننا عند الحديث عن العلوم ومركز الدراسات والبرامج الخاصة أن نغفل دور المكتبة في تنظيم المؤتمرات العلمية مثل مؤتمر أخلاقيات العلوم الذي تنبع أهميته من مناقشته لدور العلم في المجتمع ودور العلماء.

         وللمكتبة باع طويل في السبق بالمشروعات التي تهدف لنشر ثقافة المعلوماتية والذي يظهر جلياً في أرشيف الانترنت، وهو إحدى الخدمات المتميزة التي تقدمها مكتبة الإسكندرية لروادها، هو نُسخة كاملة من صفحات شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) بكل مواقعها بدءاً من عام 1996، حتى الآن.

         كما يبرز من بين المشروعات المعنية بنشر الثقافة المعلوماتية مشروع مهم وهو حقيقة ليس مشروعاً بل خدمة تقدمها المكتبة وتسعى دائماً لتطويرها وهي توفير المصادر الالكترونية للباحثين.