- بواسطة نورهان محمد أحمد
- الدولة مصر
ماذا لو ابتلعت يدي خوفًا من الزمن؟
كان سؤالي الأول الذي بدأت في طرحه وأصبحت أتساءل عنه أكثر، أسرح بخيالي وأنطوي في كآبه وأسأل نفسي سؤالي المعتاد لماذا يلاحقني الزمن وكيف أفر منه؟ الخوف من الفشل كان لصيقًا بي منذ الصغر، كنت أطيع عائلتي في قراراتهم حتى ظننت بأنني لم أتعلم قول لا لفترة من الزمن، هل راودك هذا الحلم من قبل؟ إنك في منتصفِ أمر لم تعرف كيف بدأ، ولكن عليك الركض سريعًا لأن هناك ما يلحق بك، ما هو؟ لا تعلم بالطبع. ولكن عليك الركض ثمَّ تبدأ كل الأمور في الاتضاح، كنت أخاف دومًا من أن يفوتني شيء، سكن الخوف في يدي عبر عقارب الساعات وفي قلبي وظهر على ملامح وجهي، هذا لم يكن حلمًا كانت الحقيقة التي لا يمكن الهروب منها أبدًا، قد سئمت من الجري وأنا لست من محبيه، لن أستسلم لحالي هذا.
في ليلة ما وجدت القمر بدون ملامح كأنه حزينًا يشفق عليَّ، وأنا التي أعشق السماء وأراقب القمر في كل حالاته وأيامه، مددت على أرضية غرفتي مقيدة بلا حيلة أغلقت الأنوار حتى أتلاءم مع الظلام فلتنقطع الكهرباء كما تشاء فأنا في الظلام منذ البداية، الظلام هو ظلام الفكر ظلام الوحدة وليس ظلام الليل، أسمع عقارب الساعة التي تخيفني دومًا كل ثانية تمر أمامي أشعر بالتيه فيها، ماذا لو ابتلعت يدي خوفًا من الزمن؟ سأبتلعها بدلًا من إثارة الدماء فالدماء تثير اشمئزازي، ما الخطأ في تجاوز المواعيد في سبيل سعادتك! آفة البشر هو الخوف والقلق وسيظلوا في احتلال لعقولنا وقلوبنا، ألا يستحق قلبي السكينة؟ التي لم أجدها مع عائلتي أو مع روحي، أريد إصلاح ما فعله الزمن بي، ولأحاول أن أنسي الزمن وأذهب في رحلة فردية بدون إزعاج عقارب الساعة لي.
زارتني نفسي الناصحة وأحيت بداخلي الأمل من جديد:
(ستختارِ حياتك حتى إذا تعثرتِ فسنحاول مرة آخرى، وستكونين سعيدة بالمحاولة فالأخطاء ليست نهاية العالم، وسنتعلم حب الجري ولن تصبحِ مجبرة عليه ستركضين حرة بلا تردد وبلا خوف، ستذاكرِ دروسك بدون وقت محدد وستتعلمين الموسيقى لأنكِ شغوفه بها، وستصبحين مضيفة طيران تجوب العالم بأكمله في رحلات مختلفة كما تتمنين، سنؤلف كتابًا سويًا نحكى فيه قصتنا مع الزمن يومًا ما، ستكون حياتكِ عظيمة ودرسًا مهمًا لمن مر بتجربتك وخطوة مهمة في مساعدة الآخرين، ولكنك عليك أن تعديني بأن تبحث عن نفسك الحقيقية أولًا وسعادتك ثانيًا، كل دقيقة في حياتكِ هي لتفرحي بها، ستبتسمِ لعائلتك وتقتربين منهم، سنواظب على الصلوات الخمس لأن الله يريدك بقربه في تلك المواعيد المحددة).
قمت من أرضية غرفتي لأضئ الأنوار وأقف أمام مرآتي الطويلة، لأجدني أكثر هدوءًا بعد تلك المحادثة التي كانت سببًا في شعوري بالرضا عما كنت عليه سابقًا، أنا خائفة حقًا بأن أعود ثانية و أتحمل ثقل خوفي، أن يهزني الزمن محاولاً إرغامي على فعل شيء، لا يدري بأنني حاولت مرارًا لأفيق وأعود كما تمنيت منذُ معرفتي بأن كل رقمٍ قد تجاوزهُ العقرب لا يمكنُ إرجاع أي شيءٍ حدث فيه، جميع تهيؤاتي تبخرت حينما عرفت بأن دورها قد انتهى، لا رجوعَ ثانيةً واحدةً للخلف، ولكنني لن أترك نفسي للخوف والماضي كالمرات السابقة، إنّ الأمور ستصبح بحال أفضل، ثقِ في نفسك ■