الرئيس

يبدأ التلفزيون في إذاعة مؤتمر لإعلان افتتاح مشروعات كبرى جديدة بحضور السيد الرئيس. الصورة من قاعة الاحتفال حيث يجلس الوزراء و كبار المسئولين و الصحفيين في انتظار وصول الرئيس, و مذيع التلفزيون يتحدث قائلا نحن الآن في انتظار وصول السيد الرئيس للاحتفال بهذا اليوم العظيم الذي نفتتح فيه مشروعات كبرى من أجل رفاهية المواطنين و مصلحة الأجيال القادمة و إن ما تحقق في السنوات القليلة الماضية من  انجازات يحتاج الى عشرات السنين لاتمامه و إن هذا يعد انتصارا كبيرا لحكومة زعيمنا القائد الذي يجب أن نلتف حوله و ندعمه ضد المخربين و مروجي الاشاعات, ثم يتوقف المذيع عن الاسترسال في كلامه للحظة و يقول : الآن أيها السادة وصل فخامة الرئيس فيقف الجميع و يدخل الرئيس برفقة الحرس إلى القاعة. يأخد مكانه و يبدأ عزف السلام الوطني, و لكن هذا الرجل ليس الرئيس. هو رجل آخر في نفس السن تقريبا و لكنه ليس الرئيس و لا حتى يشبهه. هو رجل لا يعرفه أحد من الذين يشاهدون الحفل في التلفزيون مذهولين مما يحدث يتسائلون من هذا الرجل و أين الرئيس , و لماذا فعلوا ذلك. على الجانب الآخر تستمر الحفلة بشكلها المعتاد و يبدأ الوزراء في عرض المشروعات و يتابعهم ذلك الرجل و يقاطعهم أحيانا ليسألهم عن بعض التفاصيل و هم يتعاملون معه على أنه الرئيس. تمر الدقائق و تشتعل مواقع التواصل الإجتماعي و يتبادل الناس الصور و مقاطع الفيديو مع أسئلة كثيرة و إشاعات , قنوات الأخبار الأجنبية تذيع و تسأل ماذا حدث و العالم كله يتابع أخبار استبدال الرئيس .

كل هذا وسط تجاهل تام من الإعلام الرسمي للبلاد و كأن شيئا لم يكن. بمرور الوقت و تزايد الصخب يبدأون في الرد يأتي الرد أولا من المذيع المشهور في برنامج التوك شو المسائي قائلا: هناك من يروج اشاعات مغرضة بأن الرجل الذي حضر الاحتفال صباح اليوم ليس الرئيس بل شخص آخر لا تصدقوا هذا الكلام الفارغ فالرئيس هو من حضر بنفسه.

ثم يعرض صورة من الاحتفال و يعلق ها أنتم ترون الرئيس حضر بنفسه و هذه هي صورته. و الناس مذهولين تماما إن هذا الرجل ليس الرئيس و لا حتى يشبهه اطلاقا هذا المذيع يكذب بفجاجة, بالطبع لا يقتنع الناس بهذا الكلام و يستمر اللغط و الإضطراب , و لكن من بداية صباح اليوم التالي يلاحظ الناس أن كل يتحدث في ذلك الموضوع يختفي تقبض عليه الشرطة و لا يظهر له أثر بعد ذلك, من يكتب على مواقع التواصل يختفي, و من يتحدث في المواصلات أو على المقهى يختفى. انتشر الخوف و تبعه انتشار الصمت لم يعد أحد يتكلم عن الرئيس البديل و الرئيس الذي اختفى . و يستمر الرئيس الجديد في الظهور و القيام بدور الرئيس و كلما ظهر أو تحدث نظر الناس لبعضهم بدون كلام نظرة معناها نحن نعرف أنه ليس الرئيس إنهم يكذبون و علينا نصدق أو نتظاهر بالتصديق, المهم هو ألا ننطق, أصبحت الفكرة محبوسة داخل الناس لا تستطيع الخروج و لكنها ظلت حية.